تجديد التفكير الدينى فى الإسلام - محمد إقبال



حول الكتاب

لقد كانت رؤية اقبال للحياة الدينية المثلى أن تكون ذات أطوار منطقية منها: طور الايمان وطور الفكر وطور الاستكشاف. وفى هذا الأخير تكون الحياة الدينية أداة دفع وفاعلية لطموح الانسان نحو الاتصال المباشر بالحقيقة العليا، بحيث يصبح الدين تمثلا للحياة والقدرة حيث يكتسب الفرد شخصية حرة لا بالتحلل من قيود الشريعة ولكن بالكشف عن أصلها وجوهرها فى أعماق شعوره تمهيدا لمحاولة ادراك المعنى الكامل للقوة الكونية العظيمة. وتتجسد اجتهادات اقبال المعتمدة على التأمل والاستغراق الصوفى فى تعميق المعانى ذات القالبية الثابتة فى مناحى العقل الاسلامى على غرار المفهوم التنويرى للنبوة التى يرى انها قد بلغت كمالها فى ادراك الحاجة الى الغاء النبوة ذاتها وهو أمر ينطوى على ادراكها العميق لاستحالة بقاء الوجود معتمدا الى الأبد على مقود يقاد منه، إذ إن الإنسان لكى يحصل كمال معرفته لنفسه ينبغى أن يترك ليعتمد فى النهاية على وسائله هو، وينطلق اقبال باعتباره صاحب الدعوة للتغيير للذات الفردية والجمعية إلى معنى آخر فى اطار اشعاعاته الفكرية وهو معنى وفعل الصلاة اذ يرى ان العبادات انما يختلف تأثيرها باختلاف طبيعة الوعى ودرجاته، وانه فى حالة وعى النبوة تكون تلك العبادات مبدعة فى الغالب، اذا أنها تتجه نحو إيجاد عالم أخلاقى يطبق فيه تعاليم دعوته أى يختار فيه نتائج وحيه، واذا كانت روح كل صلاة هى روح اجتماعية لأناس يفتحون أعماق نفوسهم لتلبية باعث واحد، ففى ذلك تكمن حقيقة سيكولوجية، إذ إن الاجتماع إنما ينمى قوى الادراك فى الرجل العادى ويعمق شعوره ويحرك ارادته الى درجة لا يعرفها فى عزلته، وفى كل الأحوال لا تزال الصلاة سرا غامضا لم يكشف علماء النفس عن تلك القوانين الخاصة بالحساسية الانسانية فى حالة التجمع. 
وعلى صعيد المنحى الفلسفى، فالصلاة هى تعبير عن مكنون شوق الانسان الى من يستجيب لدعائه فى ذلك العالم المخيف، اضافة الى أنها فعل فريد من أفعال الاستكشاف تؤكد به الذات الباحثة فى نفس اللحظة التى تنكر فيها ذاتها فتبين قدر نفسها ومبررات وجودها بوصفها عاملا محركا فى حياة الكون، بجانب ما لها من قيمة فكرية تشير إلى الأمل فى تحقيق الوحدة الضرورية للبشر كحقيقة دامغة وذلك بالقضاء على جميع الفوارق التى تميز بينهم. وتنطلق رؤاه الى أن لحظة ظهور الأفكار الحرة فى الاسلام هى أدق اللحظات فى تاريخه، اذ ان الاسلام وحده القادر على تأهيل الانسان العصرى وإعداده خلقيا لتحمل التبعية العظمى التى لابد أن تتمخض عنها حركة العلم فى ظل مجتمعات يحركها التنافس الوحشي، وان الانسانية إنما تحتاج دائما وأبدا الى أمور ثلاثة أولها: تأويل الكون تأويلا روحيا يتسق والقيم الاسلامية وتحرير روح الفرد ووضع مبادئ أساسية ذات أهمية عليا توجه تطور المجتمع الانسانى على أسس روحية. 

رابط التحميل

شاركها في جوجل+

عن غير معرف

0 التعليقات:

إرسال تعليق