تسلّف الإخوان: تآكل الأطروحة الإخوانية وصعود السلفية في جماعة الإخوانالمسلمين - حسام تمام



 حول الكتاب

توصلت دراسة جديدة عن جماعة الإخوان المسلمين صادرة عن مكتبة الإسكندرية إلى أن الجماعة «ستفقد كثيرا من مرونتها وقدرتها على التنوع الداخلى، وستتجه إلى مزيد من المحافظة والقطبية والسلفية». 
وتتناول الدراسة التى أعدها حسام تمام الباحث فى ملف الحركات الإسلامية صعود الفكر السلفى فى جماعة الإخوان مقابل تآكل الأطروحة الإخوانية الوسطية نتيجة لحزمة عوامل داخلية وخارجية ساهمت فى تعميق تأثير السلفية الوهابية فى الحركة الإخوانية.
وتشير دراسة «تسلف الإخوان» إلى أن الحركة التى تشهد منذ شهور زخما سياسيّا وإعلاميّا كبيرا كانت قد تعرضت لأكبر هزة تنظيمية فى داخلها منذ تلك التى عرفتها فى الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، خلال إجرائها انتخاباتها الداخلية نهاية 2009 وبداية 2010، والتى أسفرت نتائجها عن تصدر رموز التيار التنظيمى المحافظ.
وتضيف: «الانتخابات لم تؤثر على سيطرة الاتجاه المحافظ على مؤسسات الإخوان فحسب، لكن ما حدث امتد إلى إعادة النظر فى العديد من القضايا الخلافية، التى تتعلق بمسائل فقهية لم يحسم فيها الخلاف بعد، فالحركة تسير فى اتجاه تغيرات أيديولوجية».
وتقول الدراسة إن تحول الجماعة إلى السلفية الوهابية بدأ منذ أوائل الخمسينيات، وتعزز مع اشتداد الحملة الناصرية على الجماعة وفرار عدد من كبار قادتها واستقرارهم بدول الخليج؛ خاصة المملكة العربية السعودية مقر التيار السلفى الوهابى، ثم تأكدت تماما فى حقبة السبعينيات، التى شهدت أقوى انطلاقة للتيار الوهابى خارج حدود السعودية، وقد دعمها مشروع التحديث الذى انطلقت فيه المملكة آنذاك.
وتبين الدراسة أن جماعة الإخوان بدت فى سنوات التأسيس الأولى وريثة للسلفية الإصلاحية، التى كان الشيخ رشيد رضا أبرز رموزها قبل تلك الفترة، لكنها سلفية كانت تتسم بدرجة عالية من المرونة، كما أن ظروف البيئة المحيطة لعبت دورا مهما فى بلورة اتجاه السلفية الإخوانية نحو طابع عروبى إسلامى جامع لا ينفى أن فى الأمة مكونات مختلفة قابلة للاستيعاب.
وتتطرق الدراسة إلى تداعيات المرحلة الناصرية، والتى اعتبرها الباحث الموجة الأولى من تسلف الإخوان، حيث إن تفاعلات الحركة مع النظام الناصرى كان لها دور كبير فى تحويل وجهة الجماعة الفكرية والإيديولوجية، فقد بدأت الموجة الأولى لهروب الإخوان خارج مصر عام 1954 بعد الصدام مع النظام، حيث شكلت السعودية الملاذ الأول لقيادات الجماعة وكوادرها الهاربة من ملاحقات النظام الناصرى، ففتحت أبوابها لأعضاء الجماعة الهاربين ومنحت جنسيتها لعدد كبير من رموزها.
أما الموجة الثانية من تسلف الإخوان، فيرى الباحث أنها جاءت فى سياقات التحول فى السبعينيات، وكانت تلك الموجة حاسمة باتجاه تسريع مسار التسلف لدى الإخوان على مستويين اثنين، المستوى الاجتماعى الذى تم بفعل معايشة السلفية الوهابية بشكل مباشر فى البيئة السعودية، حيث خرج الإخوان حينها من السجون فى عهد السادات، وبدأ موسم الهجرة إلى الخارج بالنسبة للآلاف منهم ممن فقدوا مستقبلهم الوظيفى بفعل الاعتقال، أما المستوى الثانى فقد تم فى مصر، وكان تنظيميا ظهر فى ظروف «الفورة» النفطية الكبيرة، التى اجتاحت مصر والمنطقة. وقد ساهمت سياسة الباب المفتوح فى عهد السادات بدءا من السبعينيات فى حالة من الانفتاح، وهكذا توافرت بنية من الفرص تسمح بولادة جديدة للحركة الإسلامية لكن بطابع سلفى واضح.
ويشير الباحث إلى أن الجسم الإخوانى الممتد والمنهك بفعل الضربات الناصرية فى 1954 ثم 1965 كان بحاجة إلى ضخ دماء جديدة، وكان شباب الجماعات الإسلامية يشكلون ضمانتها الفعلية، ومنذ لحظة التفاوض الأولى التى جرت لاستقطاب هؤلاء الطلاب داخل الإخوان جرى التفاوض على طبيعة السلفية الإخوانية، وعلى نحو ما نجح الإخوان فى ضم القطاع الأكبر من هؤلاء، فكانت السلفية تثبت أقدامها وتملأ فراغ المنظومة الإخوانية. وهكذا، حدث التزاوج الإخوانى السلفى الأهم داخل مصر بحيث أثرت هذه المكونات السلفية فى أفكار قادة هذه الجماعات وأعضائها ونقلها عدد كبير منهم ممن انضموا لاحقا إلى جماعة الإخوان فى نهاية السبعينيات، فتأثّر فكر الإخوان بالفكر الوهابى السلفى بشكل لم يحدث من قبل.
ويقفز الباحث إلى نتائج الانتخابات الداخلية التى أجرتها الجماعة مؤخرا، وأدت إلى احتجاجات من تيار الإصلاحيين داخلها وقلق من النخب الفكرية والسياسية خارجها بسبب ما اعتبره كثيرون، حتى من الإخوان أنفسهم، «اختطافا» لجماعة الإخوان من قبل التيار القطبى، الذى أحكم سيطرته التنظيمية على قيادة الجماعة، وتولى أبناؤه أهم مواقعها التنظيمية، وعلى رأسها منصب المرشد العام واثنان من نوابه الثلاثة.
ويتابع تمام: «لا يبدو أن السلفية الإخوانية «الجديدة» ستقف ضد المشاركة السياسية بالمعنى العام، بقدر ما ستؤدى إلى تأثيرات سلبية ليس عبر تحويلها إلى وعظ فحسب، بل لأنها ستسبب إرباكا فى الفقه السياسى للجماعة بعد عقود من عمر تجربة تفاعلها مع الدولة والمجتمع بحيث ستكبح تقدم الجماعة فى السنوات المقبلة».

رابط التحميل


شاركها في جوجل+

عن غير معرف

0 التعليقات:

إرسال تعليق