حول الكتاب
كتب توماس هذا العمل القصصي المرهف في مرحلة أولى من حياته الأدبية وبالتحديد عام 1911، في وقت كان لم يحصل بعد الانعطاف في مساره الفكرية والإنساني، نحو الديمقراطية والتقدم. إلا أن بالإمكان القول إن الملامح العامة لأدب "مان" تجد فيه أرضية خصبة وكثيفة. إننا واجدون في هذا النتاج التشاؤم العميق الذي ورثه "مان" عن شوبنهاور مقترحاً بطغيان الموت وهيبة العدم، كما نفع على نفاذ الصبر مبعد الرؤيا والرهافة السيكولوجية الخارقة التي كان توماس مان يعجب بها لدى نيتشه، وهي المفاهيم الأربعة الأساسية التي حددت الروح الألمانية عبر الأدب خلال قرون، عنينا الثقافة والموسيقى والبروتستانتية وحس الواجب.
إن الشخصية المركزية في الموت في البندقية روائي كهل ذو شهرة أوروبية، لكونه بالضبط يتمتع بحساسية فنان وتخطى منتصف العمر فسيكون عرضه لتلك الانحرافات المفاجئة وذلك الهذيان المؤدي إلى الموت، إن الانبهار المميت الذي يمكن أن يمارسه الجمال الجسدي هو الموضوع الذي يعالجه "مان" في هذه الأقصوصة" إلا أن الجمال هنأن يقود إلى الاضطراب الرهيب في الروح، إلى فقدان التوازن، إلى الموت.
إن "غوستاف آشنباخ" الذي شعر باشمئزاز عميق من الشيخ المتصابي في بداية سفرته إلى البندقية، لا يعتم أن يسقط في الخطيئة "ذاتها التي كانت أثارت قرفه في السابق". إن حبه لتادز يو المراهق الجميل، هذا الحب المفاجئ، الحب الصاعق، الذي يرافق مشهد الجمال الساحق، يدفعه في نهاية المطاف إلى أنواع التبرج، والتزين التي يستعيد بها بعض مظاهر الشباب المزيفة التي طالما استفزته ونفرته.
إن الجمال هنا هو الطريق إلى الهاوية، واشنباخ يسير إليها دون مرد، إن دراما لجسد والروح تلك ستنتهي بدمار "آشنباخ" وموته. إى أن الفنان المنتهي هذه النهاية المأساوية هنا بعد انفلات طاقاته المكبوتة وقوى نفسه الجامحة ليس كائناً فرداً، إنه ألمانياً التي تنفلت فيها قوى جامحة على المستوى الجماعي فيما بعد، فيما تعيش البورجوازية مرحلة انحطاطها، تماماً كما تنبأ ماركس قبل ذلك بعشرات السنين حين قال: "سوف تجد ألمانيا نفسها هكذا ذات صباح على مستوى الانحدار الأوروبي قبل أن تكون عرفت يوماً مستوى التحرر الأوروبى".
رابط التحميل
الرابط لا يعمل و قد تم ازالة الملف من موقع الرفع
ردحذف