حول الكتاب
لعل نظرية علمية على مدى التاريخ, فيما نعلم, لم تنل من الاهتمام البالغ والنقاش الواسع قدر ما كان لهذه النظرية, فهى أعمق النظريات العلمية أثرا, وأشدها خطرا, لأنها تعرض آراء فى خلق الإنسان, تثير شكوكا فى الدين والإيمان, وكما اختلفت الآراء حتى فى اسمها إذ يطلق عليها نظرية التطور, أو نظرية النشوء والارتقاء, أو نظرية أصل الأنواع أو نظرية داروين, فلقد اختلف حول ما تشير إليه وتدل عليه.
كان داروين يرى أن العلم ماهو إلا جمع الحقائق وترتيبها واستنباط القوانين منها, وقد سافر فى 27 ديسمبر سنة 1831 على الباخرة البيجل من ميناء ديفون بورث الإنجليزي فى رحلة علمية الغرض منها مسح المناطق المجهولة فى نصف الكرة الجنوبى فى أقصى الجنوب من أمريكا الجنوبية, واستغرقت الرحلة خمس سنوات وعادت السفينة وعليها داروين وفى ذهنه الإجابة التى ارتضاها عن أصل الأنواع والإنسان والتى كانت أساسا لنظرية فيما بعد المسماة بالانتخاب الطبيعى.
وفى عام 1859 أصدر داروين كتتابه عن أصل الأنواع ويستند على ثلاثة حقائق ويقدم منها استنتاجين. الحقيقة الأولى هى أن الأنواع وفقا لنسبة هندسية بالنسبة للنبات والحيوان والحشرات والإنسان والثانية أن عدد أفراد النوع الواحد بالرغم من وفرة الخصب والتكاثر يبقى ثابتا تقريبا.
والحقيقة الثانية هى أن جميع الكائنات الحية يختلف بعضها عن بعض ولا يوجد كائنان متشابها تشابها تاما من جميع الوجوه حتى أفراد النوع الواحد تختلف ضمنا وقوة وطولا وشكلا وخصبا ومقاومة للأمراض. واستنتج من الحقيقة الأولى والثانية أن هناك التناحر على البقاء ولابد من ضحايا ولا تبقى فى النهاية إلا نسبة معينة يكتب لها البقاء لحفظ النوع. ومن الحقيقة الثالثة استنتج أن بعض الأفراد أو السلالات تنجح أن تتفوق على غيرها فى التناحر على البقاء وهو ما عبر به داروين بالانتخاب الطبيعى أو البقاء للأصلاح.
واجمل دراوين العوامل الأساسية التى ساعدت على تطور الإنسان فى الانتخاب الطبيعى, الاستعمال أو عدم الاستعمال, الانتخاب الجنسى, التغيرات التلقائية الغربية التى عرفت فيما بعد باسم الطفرة
وقد اجتهد داروين طوال حياته بعد أن أعلن نظريته هذه فى البحث عن دليل يؤيدها, أو سند يؤكدها إلا أنه لم يوفق حتى فى الحصول على حفريات قديمة للإنسان تثبت نظريته, وأنه ظل يبحث عما أسماه الحلقة المفقودة وهى الكائن الوسط بين الحيوان والإنسان, ولم يعثر عليها أو يهتد إليها.
وفى هذا المقام أنقل للقارئ بكل أمانة مخلصا لكل آراء داروين فى كتابة أصل الأنواع, حيث أقدم عرضا وتحليلا لنظريته فى أصل الأنواع والتى أثارت جدلا كبيرا.
رابط التحميل
0 التعليقات:
إرسال تعليق