حول الكتاب
مع أن الكتاب يبين تفاصيل مهمة ودقيقة في بناء كيان الدولة والمجتمع الحديث والحقوق والواجبات المترتبة على الحكام والمحكومين الا انه يجسد بشكل لافت للنظر هموم هذا الفيلسوف العبقري المشغول بمشاكل عصره والجهاد الذي بذله في سبيل أحلال المساواة والحرية والعدالة الاجتماعية أمام جبروت الحكم المطلق والوصاية التي تفرضها الكنيسة او اي مؤسسة دينية على الإنسان.
مؤكدآ في كل كتاباته ومؤلفاته موقفه الرافض والمتشاءم إزاء الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية التي تميز بها المجتمع الفرنسي خلال القرن 18.
يقول الفيلسوف كانت الذي اعترف في مناسبات عديدة بفضل جون جاك روسو على تفكيره السياسي : مضى زمن كنت أعتبر البحث عن الحقيقة وحده كاف لأن يكون شرف الإنسانية .. وكنت أحتقر الإنسان العادي الذي لا يعرف شيئا.. وقد دفعني روسو على الطريق المستقيم .. لقد تلاشى هذا الحكم الأعمى وتعلمت احترام الطبيعة الإنسانية ولقد اعتبرت نفسي أقل فائدة بكثير من العامل البسيط إذ لم أعتبر أن فلسفتي من الممكن أن تساعد البشر على إثبات حقوقه الإنسانية.
وقد لاقى روسو بعد هذا المؤلف الكثير من المضايقات والطرد والنفي في كل دول أوربا وعاش حياة صعبة حتى نهاية حياته بسبب أفكاره التي كانت الشرارة التي جسدت علميآ وعمليآ الاساس في أشتعال الثورة الفرنسية التي عبرت في جوهرها عن دعوات الانسان ضد سلطة القهر والاستبداد.
يذهب روسو إلى اعتبارا الملكية عامل سلبي في تاريخ الإنسانية إذ أن ملكية الأرض تولد اللامساواة ويؤدي إلى صراع المصالح والاستغلال والعبودية.
من هنا اتسم فكره السياسي بالبناء المتواصل حيث يقول: “إنني أستهل كلامي في موضوعي دون البرهان على أهميته. وإذا ما سألني أحدهم أأنا أمير أم مشرع حتى أكتب في السياسة؟ لأجبت بأنني لا هذا ولا ذاك ومن أجل ذلك أكتب في السياسة. ولو كنت أميرا أو مشرعا لما أضعت وقتي في قول ما يجب فعله. كنت أفعله أو كنت أسكت”.
يقول في مطلع كتابه في اللامساواة: “لقد ولد الإنسان حرا لكنه كبل بالأصفاد في كل مكان “.
يقول إن ما يخسره الإنسان من جراء العقد الاجتماعي هو الحرية التي كان يتمتع بها في الطبيعة والحق اللامحدود .. وما يربحه بالمقابل هو الحرية المدنية فيكتسب بذلك الحرية الأخلاقية .. ذلك إن الخضوع للشهوة عبودية والانصياع للقانون الذي الزمنا أنفسنا به حرية”.
وهو بذلك يضع الانسان والمجتمع في طور الانتقال من مرحلة الطبيعة إلى مرحلة المدنية.
لذلك فان العقد الاجتماعي – بالنسبة لروسو – هو الشرط الأساسي لكل سلطة تريد أن تكون شرعية وهذا يدل على انتقال التطور التاريخي من حالة الطبيعة إلى المجتمع المدني.
أن غاية العقد الاجتماعي هو السهر على الحفاظ على حياة المتعاقدين والدفاع عن حقوقهم أمام بطش الغير .. يقول روسو: “إن كل قانون لم يصادق عليه الشعب شخصيا هو بحكم اللاغي وما هو بقانون”.
إن روسو الذي شارك غيره من المفكرين الفرنسيين في بذر بذور النقمة على طغيان طبقة الحاكمين في فرنسا في عهده لهو أحد الأعمدة الذين أرسوا مفاهيم حقوق الفرد وحقوق الإنسان في العصر الحاضر.
رابط التحميل
0 التعليقات:
إرسال تعليق