لماذا تتحارب الأمم: دوافع الأمم في الماضي والمستقبل - ريتشارد نيد ليبو


حول الكتاب

لم يتم تداول مصطلح حرب "المكانة" على نطاق واسع في أدبيات الحروب الكثيرة التي تزخر بها البحوث والكتب الخاصة بنظريات الحروب وتاريخها تلك التي صدرت في مختلف دول العالم، لكن الكتاب الذي بين أيدينا يفرد مساحة مهمة لهذا النوع من الحروب.
وفي دراسته لأهم دوافع الحروب منذ العصور القديمة يقول المؤلف إنه رغم أننا لا نعرف إلا القليل عن "الحرب" في عصور ما قبل التاريخ، نستطيع أن نفترض على نحو معقول أنها نشأت عن صراعات على النساء، وآبار السقي، وأراضي الصيد، والأراضي التي اعتبرت ذات قيمة لأسباب دينية أو اقتصادية، ولم يكن موضوع المكانة غائبا في الكثير من الحروب التي شهدتها البشرية، لكن هذه "المكانة" بقيت محصورة في رقعة جغرافية محددة.

وبينما كان التنافس أثناء الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي على أشده في النصف الثاني من القرن العشرين، فإن التركيز في مجمل الطروحات التي برزت في تلك الحقبة لم يقدم إمكانية الهيمنة المطلقة لإحدى القوتين على جميع دول العالم لتبوء المكانة بدون منافس.
لهذا فإن انهيار الاتحاد السوفياتي لم يقوّض بصورة نهائية وجود روسيا، ولم تشطب من قائمة الدول الكبرى، الأمر الذي دفع بالولايات المتحدة لسلوك طريق آخر تحاول تأكيد مكانتها الأولى في العالم، فجاء احتلالها لأفغانستان عام 2001، وبعد ذلك احتلال العراق عام 2003.
ويولي المؤلف أهمية خاصة في دراسته لقضية "العراق"، ففي السطور الأولى من كتابه يأتي على حرب العراق، وبعد أن يكون مدخله بجملة تقول "يمثل العنف المنظم نقمة ابتليت بها البشرية منذ العصر الحجري الحديث على الأقل"، يقفز إلى القرن العشرين الذي عانى من حربين عالميتين مدمرتين، أدت كل منهما إلى مشاريع كبرى تالية للحرب.
"يضع المؤلف ثلاثة دوافع أساسية لما يسميه بـ(السلوكيات) المتعلقة بالسياسات الخارجية، وهي: الخوف والمنفعة والشرف، كما أنه يؤمن بما قاله مارتن لوثر كينغ، من أن الحرب إزميل سيئ لنحت الغد"
وفي الوقت الذي نجح فيه المنتصرون في الحرب العالمية الثانية إلى حد كبير في جعل أوروبا منطقة سلام، لم ينجحوا في درء أكثر من خمسين حربا بين الدول.
ثم ينتقل المؤلف مباشرة إلى حرب العراق ليقول إن التدخل الأنجلو-أميركي في العراق تسبب في إزهاق أرواح ما بين ستمائة ألف ومليون نسمة، كما كلف الولايات المتحدة أكثر من ثلاثة تريليونات دولار إذا تضمنت التكلفة المزايا والرعاية الصحية التي سيحصل عليها قدامى المحاربين.
كما أن الكاتب نيد ليبو يخصص الفصل السادس من كتابه للحديث عن حرب "المكانة" ويفرد مساحة هامة للحرب على العراق عام 2003، مخالفا في رأيه عن دوافع الحرب الكثير من المفكرين والسياسيين الذين يعزون دوافع أميركا إلى الجانب الاقتصادي وتحديدا قضية النفط.
وأكد أن دافع "المكانة" يقف وراء التدخل الأنجلو-أميركي في العراق، وأنه لم تكن هناك دوافع إستراتيجية أو اقتصادية مقنعة لغزو العراق.
ورغم الادعاءات التي كثيرا ما صرح بها نعوم تشومسكي وغيره، والقائلة بأن الغزو كان مدفوعا بالرغبة في السيطرة على نفط الشرق الأوسط، فإن هذا التفسير غير مقنع تقليديا، ويعطي تفسيرا عقلانيا لهذه المسألة، تتمثل في حصول الولايات المتحدة على نفط العراق بيسر وسهولة، كما أن النفط سيذهب بكميات أكبر إلى الولايات المتحدة في حال وافقت الأخيرة على رفع الحصار المفروض على العراق منذ العام 1990.
ولتأكيد ما ذهب إليه الكاتب، فإن أول باخرة نفط عملاقة أبحرت من ميناء البكر في شط العرب بعد توقيع اتفاقية "النفط مقابل الغذاء والدواء عام 1996" كانت باخرة أميركية رغم العداء المعلن والواسع بين بغداد وواشنطن.
ويشير المؤلف إلى أن الهدف من غزو العراق استعراض القوة العسكرية والإرادة السياسية الأميركية، وبعث رسالة مفادها القوة والعزم إلى مجموعة متنوعة من الجماهير في الشرق الأوسط، تؤكد سهولة إسقاط الأنظمة وإقامة حكومات صديقة.
وما يؤكد ما يذهب إليه المؤلف في هذه الجزئية المهمة أن أنظمة كثيرة قد أصابها الخوف والهلع بعد احتلال الدبابات الأميركية مدينة بغداد في التاسع من أبريل/نيسان 2003 وإسقاط التمثال الشهير للرئيس الراحل صدام حسين بعد ثلاثة أسابيع من بداية الحرب التي اندلعت في أواخر مارس/آذار 2003.

رابط التحميل

شاركها في جوجل+

عن غير معرف

0 التعليقات:

إرسال تعليق