النظام الاقتصادي الدولي المعاصر - حازم الببلاوي


حول الكتاب

يقسم المؤلف دراسته إلى بابين، الأول تحت عنوان ـ النظام الاقتصادى الدولى غداة الحرب العالمية الثانية وهذا الباب مقسم بدوره إلى فصلين، الأول يستعرض فيه المؤلف الأوضاع الاقتصادية التى سادت العالم غداة الحرب العالمية الثانية، حيث خرجت أوروبا واليابان من تلك الحرب وقد دمرت بنيتهما الأساسية، وهدمت معظم صناعاتهما، وواجهتا بالتالى مشكلة إعادة التعمير وبناء القدرة الاقتصادية لهما لمواصلة الحياة بعد الحرب، وكان حجم التدمير والخراب الذى أصاب بعض الدول، خاصة ألمانيا واليابان وروسيا، كبيرا مما تطلب استثمارات هائلة لاستعادة نشاطهما الاقتصادى كذلك جاءت نهاية الحرب بخطر الشيوعية الذى بات يهدد أوروبا المنهكة من الحروب وفى مثل هذه الظروف كان استمرار الأوضاع الاقتصادية المنهارة لأوروبا هو إذكاء وتدعيما للحركات الشيوعية التى وجدت فى هذه الظروف المضطربة بيئة مناسبة لدعوتها ومن هنا كان تحرك الولايات المتحدة بالإعلان عن ـ مشروع مارشال ـ لإعادة بناء أوروبا يونيو 1947 ومع نهاية الحرب العالمية الثانية برزت أيضا على السطح قضية الانقسام بين الدول المتقدمة والدول النامية، أو المتخلفة وذلك بسبب تداعيات العلاقات الدولية عند نهاية الحرب، وكانت معظم المناطق المتخلفة قد خضعت للاستعمار منذ القرن 19، أو قبله، وأدخلت بالتالى فى دائرة الاقتصاد العالمى بوصفها مصدرا للمواد الأولية والعمل الرخيص من ناحية، وسوقا للتعريف من ناحية أخرى، دون أن يتغير هيكلها الاقتصادى والاجتماعى، حيث ظلت مجتمعات ما قبل عصر الصناعة وبتحقيق الاستقلال السياسى لهذه الدول، سرعان ما اكتشفت أن الاستقلال السياسى يظل هشا وغير فعال ما لم يصاحبه استقلال اقتصادى، ومن هنا طرحت قضية التنمية الاقتصادية نفسها على المجتمع الدولى وفى الفصل الثانى يتناول المؤلف أهم المؤسسات الاقتصادية الدولية غداة الحرب، فيذكر أن الحلفاء قد بدءوا التفكير فى وضع الأسس لنظام دولى جديد على الجانبين السياسى والاقتصادى من قبل نهاية الحرب العالمية الثانية ففى الجانب السياسى فقد تبلور فى ميثاق الأمم المتحدة وإنشاء منظمة عالمية جديدة تحل محل عصبة الأمم، وهى منظمة الأمم المتحدة وقد بدأ التمهيد للأفكار الأولى لهذا النظام العالمى الجديد منذ إعلان الرئيس روزفلت عن ميثاق الأطلنطى عام 1941،، وانتهاء بمؤتمر سان فرانسيسكو ـ 1945 وإنشاء المنظمة العالمية ومحكمة العدل الدولية أما فى الجانب الاقتصادى فقد وضعت أسسه المؤسسية فى مؤتمر ـ بريتون ودوز ـ يوليو 1944، حيث تمخض الأمر عن إنشاء مؤسستين، هما البنك الدولى وصندوق النقد الدولى، وهما يتعاملان مع قضايا التمويل والنقد على المستوى العالمى، وأما قضايا التجارة والتى تعرض لها ميثاق هافانا فى 1947، فإنها لم تتبلور فى شكل نتائج عملية حتى نهاية الحرب الباردة حين أنشئت منظمة التجارة العالمية بعد انتهاء جولة أورجواى فى عام 1994، وإزاء الفشل فى الوصول إلى نظام تجارى عالمى عند نهاية الحرب العالمية الثانية، فقد تجمعت الدول الصناعية المتقدمة فى ترتيبات خاصة عرفت باسم ـ الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة ـ الجات (Gatt) منذ عام 1947، فيما لجأت الدول النامية إلى الدعوة لتشكيل ترتيب مقابل هو ـ مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية ـ المعروف باسم الأونكتاد ـ 1964 أما الباب الثانى من الكتاب فيستعرض فيه المؤلف تطورات الاقتصاد الدولى فى الربع الأخير من القرن العشرين، وهذا الباب مقسم أيضا إلى ثلاثة فصول، الأول يتناول فيه المؤلف أزمات الاقتصاد الدولى فى تلك الفترة فيذكر أن العالم عرف خلال ربع القرن الذى أعقب انتهاء الحرب العالمية الثانية (1945 ـ 1970) فترة بالغة الحيوية والإثارة، فخلال هذه الفترة حقق العالم فى معظم أجزائه معدلات نمو عالية وغير مسبوقة من قبل، فأوروبا استعادت قوتها الاقتصادية خلال السنوات الخمس عشرة التالية لنهاية تلك الحرب، وكانت معدلات نموها تجاوز 4 إلى 5 فى المائة سنويا، أما أبرز النجاحات فكانت فى ألمانيا التى أعادت بناء صناعاتها الجديدة على أسس أكثر حداثة، وفى الوقت نفسه استعادت اليابان حيوتها واندمجت فى الاقتصاد العالمى الصناعى، وخاصة مع الولايات المتحدة، وعرفت اليابان فى هذه الفترة معدلات نمو مطردة الارتفاع وغير مسبوقة تراوحت ما بين 10، 13 فى المائة سنويا كذلك عرفت دول المعسكر الاشتراكى بدورها نموا اقتصاديا معقولا، كما عرفت الدول النامية حديثة الاستقلال حيوية كبيرة، فحققت فى مجموعها معدلات نمو عالية تراوحت بين 5 و 6 فى المائة سنويا وساعد الاستقطاب الدولى على زيادة المعونات والمساعدات الاقتصادية لهذه الدول لكن منذ بداية السبعينات تغيرت الأوضاع العالمية، وبدأت الأزمات العالمية الواحدة تلو الأخرى:ـ أزمة الغذاء فى عام 1970 وأزمة الطاقة فى 1973، وأزمة المديونية فى 1982، فضلا عن أزمة التنمية وأزمة الأيديولوجية الاشتراكية منذ السبعينات، فبدأ العالم الرأسمالى يواجه العديد من المشاكل الاقتصادية أما فى الفصل الثانى من هذا الباب يتعرض المؤلف بمظاهر وأبعاد الثورة التكنولوجية الحديثة، فيشير إلى أنه إلى جانب التطورات التى ظهرت على السطح لمظاهر العلاقات الاقتصادية والسياسية، كانت تدور فى هدوء تطورات أخرى ربما تكون اكثر أهمية فى النظام الإنتاجى فيما عرف بالثورة التكنولوجية الحديثة التى بدأت تغير من المعطيات الاقتصادية للعالم وتجهزه للدخول فى مرحلة جديدة قد لا تختلف فى أبعادها عن الثورات الاقتصادية الكبرى للعالم، عندما اكتشفت الزراعة أو عندما بدأ عصر الصناعة ولم يقتصر التغير فى العلاقات الاقتصادية على التغير العينى فى ظروف الإنتاج وأساليب ووسائل المواصلات والاتصالات وتغلغل المعلومات وسيطرتها على الإنتاج، بل أن التغير شمل أيضا العلاقات المالية وأدواتها، فتطور شكل النقود نفسها ساعد على زيادة كفاءتها الاقتصادية، سواء من حيث سهولة تداولها أو من حيث نطاق التعامل فيها، فضلا عن الأدوات المالية الأخرى من أسهم وسندات وأذونات وأوراق تجارية وحقوق اختيار، فقد ساعد ظهور الأسهم على تكوين الشركات الكبرى وتجميع رؤوس الأموال الكافية ولذلك فإن ظهور مثل هذه الأدوات المالية كان حاسما فى تطور المجتمعات الحديثة وفى الفصل الأخير يتناول المؤلف أهم التطورات التى لحقت بالمؤسسات والسياسات الاقتصادية الدولية فى الربع الأخير من القرن العشرين إذا اقتضى الأمر إدخال بعض التعديلات فى شكل المؤسسات القائمة بالفعل وأسلوب عملها، فضلا عما استدعاه من إنشاء مؤسسات جديدة كذلك فإن السياسات الاقتصادية لم تلبث أن خضعت لتغيرات وتوجهات جديدة فالمؤسسات القائمة وخاصة البنك الدولى وصندوق النقد، سرعان ما انغمست فى قضايا الإصلاح الاقتصادى ومواجهة المديونية كذلك كان على صندوق النقد أن يواجه مشكلة نقص السيولة الدولية، ومن ثم كان ظهور أصل مالى دولى جديد فى التعديل الأول لاتفاقية بريتون ودوز عام 1969، هو حقوق الحسب الخاصة، وإن تضاءلت أهميته بعد التعديل الثانى فى 1976 إلى العدول عن نظام ثبات أسعار الصرف ذاته أما انغماس البنك والصندوق فى قضايا الدول النامية، ثم فى مشاكل الدول الاشتراكية فى مراحل تحولها إلى اقتصاد السوق فقد كان مؤشرا على ظهور مؤسسات جديدة غير مقننة مثل مجموعة الدول السبع الصناعية، تتعلق بالعلاقات بين الدول الصناعية الكبرى. 

رابط التحميل

شاركها في جوجل+

عن غير معرف

0 التعليقات:

إرسال تعليق