حول الكتاب
قال الجد مهيوب لحفيده طلعت: يعز علي أن تطلع الترحيلة يا طلعت. ولكن أنت رجل. أما أنا فقد تعبت أمك توحيدة أتعبتني في حياتي لم أنجب سواها وبضعة رجال. أما الرجال فقد أخذتهم السلطة واحدا وراء الأخر: مرة لإنشاء المصارف ومرة لصد غضب النيل حين يفيض عن الحد وثالثة لحفر قناة السويس ورابعة للجهادية وخامسة وسادسة وسابعة الأوباش وعاشرة من حب الله وفضله علي تذكرني فاختبرني فأصابني فوضعني بذلك في صفوف المؤمنين إذ لم يعد لي أي ولد ممن ذهبوا. والحمد لله لم يبق سوي أمك العزيزة توحيدة أراد أن تعوضني عن المرحومة أمها وأن تؤنس وحدتي بك يا أعز الأبناء...تعرف يا طلعت؟ هي الوحيدة في بلدتنا لم تطلع الترحيلة طول حياتها. أوصتني أمها بها خيرا فلم أعرضها للإهانة في بلاد الناس. غير أن الزمن غدار. هبط البلدة ذات يوم رجل متقمط يركب حمار العمدة وخلفه خفير يلهث. قالوا إنه رجل كبير هارب من بطش الملك لكن العمدة قال إنه رجل كبير هارب من بطش الملك لكن العمدة قال إنه واحد من أقاربه الذين يعيشون في أم الدنيا وإنه يعمل قاضيا في المحاكم وقال أيضا إنه هارب من بطش الملك ولم نكن نعرف لماذا يريد أن يبطش به الملك صار الناس يذهبون إلي دوار العمدة ليتفرجوا عليه وهو يجلس في الفراندة يدخن الغليون من سوء بختها مرت البنية من أمامه حاملة البلاص قادمة من الترعة ماكاد المساء يحل حتي جاء الخفراء ودعوني لمقابلة العمدة. قال لي العمدة إنني تشرفت بالرغبة السامية وإن حضرة القاضي قد خطب ابنتي انا؟ توحيدة ابنتي يتزوجها حضرة القاضي؟ سامحك الله يا عمدة قل كلاما غير هذا يكون المزاح فيه خفيفا ومقبلولا . غير أن حضرة القاضي قال لي في تودد: اجلس يا عم مهيوب. فجلست. أخرج من جيبه حزمة من ورق البنكنوت. منظرها أطار قلبي وضعها بين يدي قال :عدها. صارت يدي ترتعش أنا الذي في ترحيلة العمر كلها لم أفز بورقة واحدة منها. قال : كم؟ قلت مائة قال: ((حلال عليك مقدم صداق لابنتك)) لم أجد كلاما لحظتها. لم أشعر إلا بيدي بين يدي القاضي نقرأ عقد القران.
رابط التحميل
0 التعليقات:
إرسال تعليق