حول الكتاب
بداية يشير المسيرى إلى أن الصهيونية ظهرت كفكرة في أواخر القرن السابع عشر وتم بلورتها منتصف القرن التاسع عشر وترجمت نفسها إلى المنظمة الصهيونية العالمية في أواخر القرن التاسع عشر، ثم أخيرا الدولة في منتصف القرن العشرين.
ويشير إلى أن مصطلح يهودي يعد عاما للغاية ومقدرته التفسيرية ضعيفة، إن لم تكن منعدمة بسبب عموميته وإطلاقه. ثم يعرض لبداية الشتات الصهيوني (الدياسبورا) مشيرا إلى أنها كانت مع هجرة أعداد كبيرة من العبرانيين ليعملوا كجنود مرتزقة في البلاد المجاورة أو كتجار في حوض البحر المتوسط. وفي سياق تناوله للمشكلة اليهودية في شكلها المعاصر يشير إلى أن يهود اوروبا واجهوا في نهاية القرن التاسع عشر مشكلة تزايد أعدادهم غير أن الآية انعكست بعد ذلك تماما في القرن العشرين -حتى وصلت حد الأزمة في الوقت الحاضر- حيث تزايدت الوفيات فيما تتناقص المواليد مع تزايد معدلات الاندماج ما سيؤدي إلى تفسخ السكان اليهود بالكامل.
ويفضح المسيري الأكذوبة الصهيونية حول شعب بلا أرض فيشير إلى أنه رغم قيام “إسرائيل” فان غالبية الشعب اليهودي (63 في المئة) تعيش في المنفى بكامل ارادتها رغم الادعاء بأنهم في حال شوق دائم للعودة إلى ارض الميعاد وهو ما يعود إلى اندماج اليهود في الدول التي يعيشون بها وهو ما يدفع “إسرائيل” إلى مكافحة هذه الظاهرة رغم استقرار وضع اليهود باعتبار ذلك يشكل خطورة حقيقية على الصهيونية، وتدليلا على ذلك فإن فئات من اليهود تطلق على الزواج المختلط باعتباره أحد عوامل الاندماج في المجتمعات الأخرى تعبير الهولوكوست الصامت! وترشح هذه الظواهر الاستيطان اليهودي لأزمة إزاء جفاف ينابيعه خاصة من اوروبا الشرقية.
ويحاول المسيري تفنيد الدعاوى التي تشير إلى صحة ودقة النبوءات الصهيونية موضحا أن الصورة ليس كما يحاول البعض أن يوهمنا بأن هذه النبوءات كلها تحققت وإنما هناك الكثير مما لم يتحقق. فاذا كانت “إسرائيل” قد أقيمت بعد خمسين سنة بالفعل بعد نبوءة هرتزل فإن نبوءة أن المانيا القوية ستقوم برعاية المشروع الصهيوني لم تتحقق، كما أن نبوءة قيام دولة مسيحية في لبنان توقع معاهدة سلام مع “إسرائيل” لم تتحقق ايضا.
واذا كانت التصورات الأولى تشير إلى أن حدود “إسرائيل” الكبرى من النيل إلى الفرات فإن ذلك لم يتحقق ومن هنا تم التوجه إلى مفهوم الكبرى اقتصاديا! فضلا عن ذلك فإن “إسرائيل” ليست المدينة الفاضلة كما تحدث عنها المفكرون الصهاينة الأوائل فهي ليست سوى ثكنات عسكرية ضخمة وتضم تجمعات اثنية ودينية مختلفة وهو ما يعني سقوط الايديولوجية الصهيونية حيث لم يعد يهود العالم يرون أن الصهيونية أيديولوجية لها أي معنى بالنسبة لحياتهم في أوطانهم.
إن المسيري لا يحاول كما في العنوان أن يداعب أمانينا بهذا الطرح، وإنما هو يقدم رؤية تتسم بالموضوعية لمجتمع مصطنع تراكمت مشاكله حتى أصبح مهددا من داخله. وتتجلى موضوعية المسيري في اشارته الى أنه رغم كل ما ذكره من جوانب ضعف، فإن ذلك لا يعني أن المجتمع الإسرائيلي، سينهار من الداخل وذلك بفضل عدة عوامل لعل من أهمها أنه مجتمع يتسم -وهذه شهادة لصالح هذا المجتمع- بالشفافية، وبالتالي حينما تتضح ظواهر سلبية فإنه يقوم بدراستها والتصدي لها أو التكيف معها، فضلا عن وجود المؤسسات الديمقراطية والعملية تمكن كل قطاعات السكان في التجمع الصهيوني أن يقدموا الحلول من خلالها. وعلى ذلك وكما يقول المؤلف فإن القضاء على الجيب الاستيطاني لا يمكن أن يتم إلا من خلال الجهاد اليومي المستمر ضده، وهذا هو جوهر الدراسة، والفكرة الأساسية التي يلح عليها المسيري في مختلف كتاباته.
رابط التحميل
0 التعليقات:
إرسال تعليق