دستور الأثينيين - أرسطو


حول الكتاب

بعد أن فُقد هذا الكتاب مدّة عشرة قرون، أعلن المتحف البريطاني العثور على برديّة مصرية له عام 1879. وكان المخطوط بحالة يرثى لها، ولكن نصه مقروء. ونُسب فوراً لأرسطو (399- 332). بيد أن بعضهم شكك في ذلك. ولكن العالم الألماني M. Bergkأثبت أن مؤلفه هو أرسطو ذاته، وأن كتابة المخطوط تعود إلى العام الحادي عشر من استلام الامبراطور الرومانيVespasienزمام الحكم في روما، أي عام 70 بعد الميلاد. وذكر المؤرخون القدامى أن نص "دستور الأثينيين" كان معروفاً حتى القرن الخامس للميلاد، وفُقد أثره نهائياً في القرن التاسع. وأشاد به شيشرون Ciceron  (106-43) في الباب الخامس من "كتاب الخيرات والشرور"قائلاً: "إن الأخلاق والعادات والسنن في معظم المدن الإغريقية والمدن البربرية قد وصفها أرسطو". وحذا حذو شيشرون كل من افلوطرخوس Plutarque(46-125) وذيوجين لائيرس Diogéne Laërce(القرن الثالث بعد الميلاد) وهاربوكراتيون Harpocration(القرن الرابع) وعالم البلاغة سوباتر Sopater(القرن الخامس) وبطريرك القسطنطينية فوتيوس Photius(820-895)، ممن ذكروا أنهم درسوا سنن أرسطو وسياساته. وذكر أرسطو نفسه في كتاب "الأخلاق إلى نِكوماخوس" "أننا، حسب السنن التي جمعناها، سنرى ما هي المبادئ التي تبقي على الدول بعامة أو تُهلكها". وصار من الثابت الآن أن النص غير منحول وأن أرسطو هو الذي ألّفه، وأنه يُكمل كتاب "السياسات". ولا شك أن اهتمام أرسطو بالشأن العـام
(res publica)وبالسياسة يعود إلى قبوله بأن يكون مدبّراً ومرشداً ومعلماً للإسكندر الأكبر قبل استلامه مقاليد الحكم في مكدونيا ومن ثم في أثينا التي منها انطلقت فتوحاته لتشمل بلدان المشرق ومصر و فارس.

وأكبّ الأب أوغسطينوس (فؤاد) بربارة على ترجمة أعمال أفلاطون وأرسطو؛ وهو خير من قام بها عن أصلها اليوناني في العالم العربي برمّته، لتبحّره في اللغة الإغريقية وطول باعه في فلسفة اليونانيين وآدابهم وفنونهم ومعتقداتهم. ويعود الفضل للأستاد الكبير أنطون مقدسي، الذي كان مسؤولاً عن مديرية التأليف والترجمة في وزارة الثقافة في دمشق لسنوات طويلة، أنه اكتشف موهبة الأب بربارة وثقافته الإغريقية العميقة، فكلّفه بترجمة عدد من مؤلفات أفلاطون وأرسطو. واقتفت أثره "اللجنة الدولية لترجمة الروائع الإنسانية - الأونسكو" التي كلفته بترجمة "السياسيات" و"دستور الأثينيين" لأرسطو. وتوخياً الحفاظ على هذه الكنوز التي صدرت في الستينات والسبعينات من القرن العشرين، قررت الهيئة السورية العامة للكتاب، بتشجيع من السيدة الوزيرة د. لبانة مشوّح، أن تعيد نشر هذه المتَرْجمات التي نفذت نسخها من مستودعات الوزارة ومكتبات البيع. فاتصلتْ بورثة المرحوم الأب بربارة وحصلتْ منهم على حقوق النشر.

لقد أتت ترجمة "دستور الأثينيين"بلغة عربية محكمة وناصعة وأنيقة؛ والأب بربارة، في هذا الصدد، معلم كبير في اللغات اليونانية واللاتينية والعربية والفرنسية، وينتمي إلى رعيل مثقفي عصر النهضة في بلاد الشام، مع أنه أتى بعدهم. وأضاف إلى النص الأرسطي عدداً كبيراً من التعليقات والشروح، التي ينقلنا بعضها من القرن الرابع قبل الميلاد إلى النصف الثاني من القرن العشرين، والتي تميزت بسعة اطلاعه على الحضارة اليونانية. فيقول في الفصل التاسع من الدستور - وهو بعنوان "سلطات الأمن ورقابة الأسواق":

"الستاذيا جمع آستاذِيَـُن، وهو مقياس للأطوال يعادل 177.6 متراً. فكان يفرض على الزبالين أن يطرحوا الأقذار على مسافة كيلومترين تقريباً من المدينة، الأمر الذي لا يطبّق اليوم في كثير من المدن!.... حتى في مدينة بيروت ودمشق وحلب، حيث تحرق الأقذار في قلب المدينة، فتصبح بعض أحيائها كريهة يأنف المرء العيش فيها، على جمال تلك المدن".


لقد آثر الأب بربارة نقل الكلمات وأسماء العلم اليونانية إلى العربية بلفظها اليوناني الأصيل. وقد تسبب هذه الطريقة الآن صعوبة في قراءة هذه الكلمات والأسماء، بعد شيوع اللفظ التقريبي لها أو اللفظ المتأثر باللغتين الفرنسية والإنكليزية. وهذا يدل على هاجس الدقة والأمانة لديه وحرصه على اعتبار الانسانيات (les humanités)من التراث المعرفي والعلمي الأصيل، لاسيما حول ضفتي البحر الأبيض المتوسط. إن تراث اليونان الذي نقل العرب جانباً كبيراً منه، إبان العصر العباسي بخاصة، يبقى حجر الزاوية في الثقافة الإنسانية، على مدى التاريخ. وهذا ما نادى به طه حسين في كتاب "مستقبل الثقافة في مصر" (1938).

رابط التحميل

شاركها في جوجل+

عن غير معرف

2 التعليقات:

  1. عفوا لا بمكن تحميل الكتاب يرجى تغيير الرابط

    ردحذف
  2. عفوا لا بمكن تحميل الكتاب يرجى تغيير الرابط

    ردحذف