تعددت وتشعبت أمراض الأمة الإسلامية حتى شملت جوانب متعددة من شؤون الدين والدنيا، ومما يعجب له ويستغرب أن الأمة لا تزال على قيد الحياة، لم تصب منها تلك الأدواء والعلل، مقتلاً على كثرتها وخطورتها، وبعضها كان كفيلاً بإبادة أمم وشعوب لم تغن عنها كثرتها ولا وفرة مواردها. ولعل مرد نجاة هذه الأمة إلى هذا اليوم -رغم ضعفها وهرمها- هو وجود كتاب ربها وسنة رسولها صلى الله عليه وسلم واستغفار الصالحين من أبنائها.
ولعل من أخطر ما أصيبت به الأمة الإسلامية من أمراض هو داء "الاختلاف" أو "المخالفة". ذلك الداء المستفحل المتفشي الذي شمل كل حقل وكل مصر وكل مجتمع، وضم في دائرته البغيضة النكدة الفكر والعقيدة والتصور والرأي والذوق والتصرف والسلوك والخلق والنمط الحياتي وطرائق التعامل وأساليب الكلام والآمال والأهداف والغايات البعيدة والقريبة، حتى خيم شبحه الأسود على نفوس الناس فتلبد الجو بغيوم أوهام أمطرت وأبلها على القلوب المجدبة. فأنبتت لفيفاً من الأقوام المتصارعة المتدابرة وكأن كل ما لدى هذه الأمة من أوامر ونواه وتعاليم يحثها على الاختلاف ويرغب بالتدابر والتناحر!!
والأمر عكس ذلك تماماً، فإن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما حرصا على شيء -بعد التوحيد- حرصهما على تأكيد وحدة الأمة ونبذ الاختلاف بين أبنائها ومعالجة كل ما من شأنه أن يعكر صفو العلاقة بين المسلمين، أو يخدش أخوة المؤمنين. ولعل مبادئ الإسلام ما نددت بشيء -بعد الإشراك بالله- تنديدها باختلاف الأمة وتنازعها، وما حضت على أمر -بعد الإيمان بالله- حضها على الوحدة والائتلاف بين المسلمين. وأوامر الله ورسوله واضحة في دعوتها إلى وحدة الصف، وائتلاف القلوب، وتظافر الجهود وتساند المساعي.
ومن هنا يأتي هذا الكتاب مساهمة في تحقيق الوعي ومحاولة صادقة لرأب الصدوع ومعالجة جذور الأزمة وإيقاظ البعد الإيماني في نفوس المسلمين بعد أن كاد يغيب عن حكم علاقاتنا وتوجيهها الوجهة الصحيحة بسبب من الفهم المعوج والممارسات الخاطئة ومن ضغوط المجتمعات غير الإسلامية.
رابط التحميل
0 التعليقات:
إرسال تعليق