الشيخ عبدالله بن عثمان العلايلي، مفتي جبل لبنان سابقاً، ولد سنة 1914 م بلبنان، وفيه تلقى تعليمه الأولي، ثم انتقل سنة 1924 م إلى مصر والتحق بالأزهر، وتتلمذ فيه على أيدي علماء عدة منهم سيد المرصفي ويوسف الدجوي، وعاد إلى لبنان عام 1940 م، له اهتمام كبير باللغة والأدب، من مؤلفاته: (الإمام الحسين) و(دستورالعرب القدامى) و(المعجم) و(المعري ذلك المجهول).
أن تبقى الشريعة الإسلامية أسيرة قوالب جامدة هو ما حاذره المبعوث بها صلى الله عليه وسلم في قوله الشريف:"إن الله يبعث لهذه الأمة، على رأس كل مائة سنة، من يجدد دينها" و يعقب الدكتور العلايلي على هذا الحديث الكريم بأنه (أي الحديث الشريف) في نظرة دستور كامل لمركبه الشريفة وديناميتها" في مجال صيرورة الزمن، فهي تحدد دائماً يدرس أصنام الصيغ في مسارٍ طويل، فشأنها أنها غضة الأماليد أبداً.
وتبرز عظمة المبعوث المقدس بهذا التمديد الزماني "مائة سنة"، إذا أدنين من دعينا ما قرره العلم بقطع وتأكيد في "البيولوجية": الحياوة: ان التقيد يصيب الهيكلية، السلوكية وينفذ حتى الصميم، بعد كل ثلاثة أجيال، ومدون أن الجيل الحياوي: البيولوجي" يقدّر بثلاثين سنة أو دونها قليلاً.
فالكائن الحي، وهو ابن البيئة فيما يختلف عليها من محرضات يتعرض لتغيرات وتبدلات، وما أعمقها! في حقبة مقدّرة.. حددّها الرسول بمائة سنة وحدّدها العلم، بمدّة آماد طويل، بثلاثة أجيال، إذاً فلا قوالب ولا أنماط ولا مناهج ثابتة، بل تبدلية عاملة دائية. وكل توقف في التكليف داخل الأطر، يصيب الأفراد والجماعات بتحجز يؤول إلى حتمية تخلّف، بل انحدار ذريع. ولا سيما فيما يعرف لدى الكتاب المعاصرين بـ"الأبنية الفوقية" للمجتمع وصوابه: النهائض. وقد احس القوامي بدواعي التغير، فلا ينبغي أن تؤخذ الخلف والسلف جميعاً بالمقتضى الواحد "فقد خلقوا الزمان غير زمانكم".
والنهائض أكثر ما تكون عرفته للتبدل، ومن أهمها في النظر الاجتماعي: أنظمة الحكم وما يتصل بأمن طرائق سلوكية وعرفية.. كما أن "الخفائض: الأبنية التحتية" هي في تيار التغير وسيل الصيرورة وما عنى به الدكتور العلايلي في كتابه هذا هو تبيان أن النهائض والشريعة العملية، تظل بمنطق النبي صلى الله عليه وسلم ومنطق العلم في معرض تكيف وتجدد دائمين.
فالشريعة العملية إذاً، هي من الليان بحيث تغدو طوع البنان، إزاء الظرف الموجب، مهما بدا متعسراً أو متعذراً، ذلك ويا للأسف، أقبلي الحقل الفقهي بمن هبطت مداركهم حتى حسن التناول، فكيف بالاستنباط المحض. والدكتور العلايلي في كتابه هذا "أي الخطأ يضم مباحث تطبيقية متفرقة المواضيع قاصداً أن تُرى هذه القضية أي التجديد والاجتهاد وفي الشريعة الإسلامية، في الصورة بكل أبعادها وجوانبها، أي بصورة بنورانية أو مرأوية، كما يضع لها، وأنه يجعلها في سكك دقيق هو كيف تجدر معالجة الشريعة العملية من جديد، توصلاً إلى حصيلة يمكن أن تكون أساساً لتقديم الشريعة تقديم "الفكروية: الإيديولوجية" الحاوية لعناصر الخلاف في المضمار الاجتماعي العام، المتزوبع اليوم على ذات نفسه تزوبع الأعاصير السافية.
وهذه الفكروية المتكاملة، التي معنى بها الدكتور العلايلي بحثاً، كما ينبغي البحث، وتحليلاً موضوعياً، كما يوجب منطق التحليل، هو ما سيقدمه للقارئ، وما يثبه في الجمهرة الكبرى من الناس. وهو يرى أن هذا المسعى أكثر واجب، وليس على الباحثين فقط، بل على كل الدول الإسلامية، بإنشاء المؤسسات العاملة عملاً جاهداً في هذا الحقل ونشر فروعها في كل مكان من العالم وليس على أساس كون الشريعة ديناً، بل على اعتبار أنها منهج حياة وسلوك، ويقيّد الدكتور العلايلي هذا التقييد جبرياّ مع الدواعي التي أملتها ظروف هذا القرن الكبرى.
0 التعليقات:
إرسال تعليق