الجمهور والطبقة - فرانسوا بيرو


حول الكتاب

“الجمهور والطبقة” للأديب والعالم في الاقتصاد “فرانسوا بيرو”، كتاب يحاور الطبقة الجماهيرية الواسعة التي كتب لها أن تبقى على هامش السياسات، كل السياسات، في مختلف بلدان العالم، يترجمه اليوم إلى العربية الدكتور “ناجي الدراوشة”، الذي يصدر عن دار التكوين للطباعة والنشر بدمشق ويقع في 165 صفحة من القطع الوسط . الكتاب قيّم ومشوق، ويتوافر على أربعة فصول في كل منها مباحث عدة، فضلا عن مقدمة غنية . بيد أن الأهم والأبرز هو ما يسبق كل ذلك، حيث تقع توطئةٌ بقلم الكاتب، وهي رغم اختصارها إلا أنها غنية، لما تطرحه من أسئلة غاية في الاهتمام والدقة والتركيز من قبل الكاتب من جهة، ومن قبل أي شخص يقرأ المؤلف الجديد من جهة أخرى .
في التمهيد للكتاب، يقتحم الكاتب سكون القارئ الذي يجب أن يكون غالباً من الطبقة المهمشة في المجتمعات حسب رأيه، أية مجتمعات، ويطرح سؤالاً مباشراً: ألا تعرضُ الجماهير نفسها للنظر والذهن على أنها أشبه بكتل وكيانات مبهمة عديمة الشكل وساكنة شبيهة بالأشياء؟ ويجيب، أو ربما يلمّح إلى أنه يقدم الجواب عن ذلك السؤال في إبحاره في التمهيد نفسه: ربما تم اختراق الجماهير عبر وسائل الإعلام الجماهيرية عندما تم إعادة بنائها كأدوات استكشاف إنساني قوية على يد عقول خلاقة مثل بيير سافر، وعندما أُدرِكت تلك الوسائل، في قدرتها على التربية والتأهيل الاجتماعيين، حسب دروس علماء اجتماع ذوي كفاءة ومجددين مثل “جان كازانوف” .
سؤال آخر يطرحه بيرو في تمهيده الرائع: لماذا يلجأ عالم مهنته الاقتصاد إلى دراسة الجماهير “بيرو عالم اقتصاد يبحث في الجماهير” .
أيضاً يقدم جواباً عملياً على سؤاله: “إن عالم الاقتصاد إن كان واعياً بجدية مهمته وبالمقتضيات المعقدة لمهنته، لا يمكن أن يعفي نفسه من اتخاذ موقف إزاء الجماهير والأقل منها “الجمهور” في ما يبدو لي أن نطبق على عالم الاقتصاد مقالة لينين: إنه يخون خطه إن خاف من الجماهير” .
في أحد أهم مباحث بيرو في كتابه هذا يركز الكاتب على نتائج لا بد من الوصول إليها، وذلك بعد إبحار في ماهية وجود الجماهير في مجتمعاتها على نحو يسرق منها وهجها ولا يستعان بها إلا في أوقات الحروب .
وتتلخص رؤية بيرو هنا في التالي:
أولاً: يجب صعود وارتقاء الجماهير في أسرع وقت وفي أي مجتمع، ولو كان هذا الارتقاء متعلقاً بديناميكية التأطير، إذ تحدد النماذج الكمية فيه موقعها وترتدي معناها .
ثانياً: (بحسب بيرو أيضاً): إن النماء التام للمورد البشري، لكل كائن إنساني بلا استثناء، إنما هو المسلّمة لعلم الاقتصاد، حين يكون الاقتصاد علميا، وبدونه، تكون حالة الوصول إلى الحد الأعظم قابلة للنقاش على الدوام، وتتضمن هذه المصادر الأخذ بالحسبان للجماهير والجمهور أيضاً . يدخل “بيرو” في جدلية الطبقات وجدلية الجمهور، وهو، هنا، يعرّف مفهوم “جمهور” بأنه الأقلية، لأن الجمهور تصغير لكلمة جماهير التي تكون عادة هي الأكثرية .
يتحدث عن روسيا السوفييتية بانتقاد ربما ليس لاذعاً لكنه أيضا ليس مهادنا يقول: إن روسيا في عهدة السوفييت اعتبرت أن الطبقات زالت تماما وأن العمال والفلاحين وفئة المثقفين اندمجوا تماما عن طريق تنظيم يصفه “بيرو” بأنه استبدادي يتبع لجهاز حزب سياسي وإداري .
بالنتيجة يرى “بيرو” أن نتيجة السياسة السوفييتية كانت مجموعة حكومية بيروقراطية وقومية “إمبريالية”!! . . (بيرو هنا يصف نتائج السوفييت التي كانت معادية للإمبريالية، بأنها إمبريالية!! . . أمر يستحق التوقف عنده طويلا) .
وليس بعيداً عن الفكر السوفييتي ينتقل بيرو بجدليته إلى الصين، حيث يحرك حزب واحد هناك الجمهور البشري الذي ظل ريفياً زراعياً في الشطر الأعظم منه برغم كل نجاحات التصنيع . وهنا، في النتاج الصيني، يرى بيرو أن السياسة التي أبقت على ريفية الجمهور برغم كل النجاحات، أنتجت ثورة ثقافية عظيمة مستشهداً بثورة “ماو” الذي حين أتى ليعيد سيطرته على “قطعانه” فجّر ثورة ثقافية مخصصة للجمهور وجمهور الفقراء على نحو صريح! 

رابط التحميل

شاركها في جوجل+

عن غير معرف

0 التعليقات:

إرسال تعليق