حول الكتاب
كتاب في مباحث شتى - كما يقول د.فهمي جدعان في المقدّمة - لا يجمعها إلّا وحدة البحث العلمي العلمي الرصين في إمتاع و رسالة واضحة تبتعد عن ركوب الموجات السائدة في أقصى اليمبن أو في أقصى اليسار , يظهر ذلك بجلاء عند كلامه عن التراث و النظارت السائدة إليه من تقديسيّة أو قطعيّة أو استلهامية تزويقيّة ليصوغ نظريّته خارج ذلك و بحسابه عن ماهيّة التراث و حدود ما نحتاجه منه و مدى جدى طرائقنا في التعامل معه و ضرورة فهم التراث في سياقه التاريخي و أنّنا كما نرث التراث فإن علينا إبداع التراث في الآن نفسه, و كذلك يظهر هذا الموقف المتزن المنطلق من منهج علمي حضاري لا من تحزّبات و موجات مسبقة الصنع حين يتكلّم عن ابن خلدون فيرفض النظرات المنبهرة - بلا معنى أو مبرّر خاصّ سوى تحدّي مركزية الغرب في فكرهم - بإنجاز ابن خلدون بشكل مبالغ فيه لا ينتمي لإشكالية ابن خلدون و لا لطروحاته .. كما يرفض القراءات التي تنتقص من جهد ابن خلدون وعبقريّته لتحيله مجرّد ناقل من مصادر تاريخيّة سبقته , معمية النظر عن حقيقة الإشكالية الحضارية و الأطروحة التي قدّمها ابن خلدون من وحي الحاضر المزمن و اللي بوعي الخطر و التفكّك الحضاري الذي انطلقت منه كتاباته , و ربّما يكون بحثه عن ابن خلدون و أثره في الفكر العربي الحديث تطبيقا عمليّا لنظريّته في التراث و كيفيّة تعاملنا معه, في بحثه عن الدولة في الفكر الإسلامي الحديث يجمل د.فهمي جدعان الأطروحات المختلفة و التطوّر ي مفهوم الدولة و مدى التقاطع و الانفصال مع مفهوم الدين منذ طرح علي عبدالرازق فكرته - الضروريّة في ذلك الوقت نتيجة الصدمة التي تلقّاها العالم الإسلامي مع انهيار الخلافة - وما أثارته من سجالات لم تنته حى اليوم متتبّعا بذلك النظريّات و التطوّرات الرئيسيّة نظريّا و عمليّا خلال القرن العشرين , هذاقد ينضمّ في حقل واحد مع بحثه عن الإشكاليّة الإسلاميّة المعاصرة , و قد شرح هذه الإشكاليّة و موجاتها و زواياها المختلفة بذات الطريقة الممتعة الشاملة الذكيّة جدّا في بلوغ القصد و إجمال الآراء , و إن كان لا غنى بعد قراءة هذا المخّص في هذه الدراسة عن قراءة كتابه الضخم " أسس التقدّم ... " الذي فصّل فيه ما أجمله هنا.
رابط التحميل
0 التعليقات:
إرسال تعليق