في بعض مفارقات الحداثة وما بعدها: دراسات فلسفية وفكرية - خلدون النبواني


حول الكتاب

يتضمن الكتاب الذي بين يدينا مجموعة مقالات وابحاث للباحث خلدون النبواني يناقش فيها عدة مواضيع تتعلق ببعض القضايا الفلسفية ومسالة الحداثة وعلاقة المسلمين بالحداثة. االمحور الأول جاء بعنوان (كتابات فلسفية) ناقش فيه: “ في مفارقات الحداثة وما بعدها “ و “حول ثورية الفلسفة الفرنسية المعاصرة “ حاول المؤلف من خلالها الدخول الى فكر الفيلسوف الفرنسي الجزائري الاصل جاك دريدا وبحث مسألتي الكتابة والهوية عند دريدا من خلال تقصي الأثر النفسي اللاواعي، ونبش النصوص المنقوشة في اللاوعي، واستسقاء الأصول اللاواقعية والمجهولة لفيلسوف وجد في نظرية فرويد معينا لا ينفذ، ومرجعا لا يمكن بدونه فهم التفكيك الفرويدي.ويمضي الباحث في ذلك مثيراً عدة مسائل حول دريدا مثل صلته بما بعد الحداثة وعلاقته برماس واسئلة اخرى عن الحداثة. لو انتقلنا الى المحور الثاني والذي جاء بعنوان((إشكاليات فلسفية)) وأول ما يناقش فيه “الفلسفة ولغة الشعر” من خلال الخطاب الفلسفي ومحاولات الخطاب الشعري البلاغي اقتحام اسوار الفلسفة من بوابة العقل حيث بشر كل من شيلر وشيلنغ وشليغل بميثولوجيه شعرية قادمة،يكون فيها الشعر والفن هما الهدف الاسمى للفلسفة فصارا يمثلان نهايتها ومستقبلها في وقت واحد. وفي موضوع آخر وضمن هذا المحور يدرس النبواني ويحلل ظاهرة الإلحاد ونزعة الخلاص عند بعض الفلاسفة مثل نيتشة وهيدغر ودريدا يحاول فيه كشف اللثام عن هذا اللاهوت الملحد،ويمضي النبواني بعد ذلك في مناقشة “البيوطيقا أو معضلة الحكم الأخلاقي” ويبتدأ المناقشة بتساؤله عن “هل فعلاً خلق الإنسان في احسن تقويم؟ “وهل يعتبر الجسد عطية إلهية أو وديعة مقدسة أو أمانة ربانية لا يجوز لحاملها التلاعب بها؟ “ ويمضي الباحث في تحليل هذه الخصوصية فيشير كيف أن الإنسان أستمد من منظومتي الدين والعلم لينُصب نفسه سيداً على الطبيعة و الأشياء والمخلوقات،فأباح لنفسه حق التصرف في جينات النباتات والحيوانات،فغير في الكثير من جيناتها من دون مراعاة المسائل الأخلاقية، فقضايا انحراف العلم عن الأخلاق كثيرة كما يؤكد الباحث وابسط مثال على ذلك القنبلة النووية وصناعة الأسلحة غيرها من الصناعات والاختراعات المدمرة.ولو انتقلنا الى الموضوع التالي “لا يمكن للحُب أن يكون إلا انفصالاً: قراءة في فلسفة الحب “وفيه يشير الى فلسفة افلاطون في الحب على لسان أرسطوفان،والتي تتحدث عن أصل الحب الذي ولد وامتلك وعياً بوجوده في لحظة الفصل. وبعد ان يفصل الباحث هذا المفهوم الفلسفي الأفلاطوني للحب يؤكد ان هذه الظاهرة لم تكن موجودة فقط في الثقافة اليونانية،فتراثنا العربي وثقافتنا العربية تؤكد على الحب بوصفه انفصالاً، فالعشاق العذريون حريصين على إبقاء شعلة الحب متقدة،من خلال حفاظهم على مسافة تفصل بين الأثنين، وتحول دون امتلاك احدهما للآخر،ويدلل على ذلك بقول جميل بثينه: يموت الهوى مني إذا مالقيتُها ويحيا الهوى إذا فارقتها فيعودُ ويمضي الباحثلتاكيد نظرية افلاطون ونظريته في سوق العديد من الأدلة المستقاة من تراثنا العربي، مثل آراء ابن قيم الجوزية في كتابه روضة المحبين ونزهة المشتاقين،ويختتم مقالته هذه في شرح حالات الحب العادية التي يلتقي فيها كل نصف بما يظن نصفه الآخر، وبعد ذلك ينسحب الحب مُخليا المكان لحالة وجدانية نبيلة،لا يكون فيها الحب إلا كذكرى آفلة. وبعد هذه النظرة الفلسفية الأفلاطونيه عن الحب اترك القارئ ليقيمها وفق نظرته الى محبوبه انتقل بعد ذلك الى المحور الثالث. جاء المحور الثالث بعنوان ((كتابات فكرية)) ويتحدث فيها المؤلف عن الإسلام والفلسفة والتطرف الديني ولعل ابرز المقالات مقالة “هناك شبح يجول في العالم الإسلامي، هو شبح السلفية “فيذكر باننا بعد ثمانية قرون من سقوط فلسفة ابن رشد امام التيار السلفي الغزالي يعود هذا التيار ليقضي على كل مظاهر الحداثة العربية وهنا يتسائل المؤلف هل هي لعنة تلاحق نهضتنا الموءودة أم أن ماضينا قد ابتلع حاضرنا ومستقبلنا نهائيا؟يعزو المؤلف ذلك الى حالة الياس والإحباط من البدائل الوطنية الداخلية التي افتضح تواطؤها مع الغرب ونتيجة استبداد الحكام فوجدت الشعوب العربية في الدين الملجأ الوحيد بعد فشل جميع خياراتها،وساعدها على ذلك الحكومات العربية التي مع احساسها بانكشاف امرها وفقدانها المصداقية أمام شعوبها،وللحفاظ على كراسيها، وجدت من مصلحتها فتح ابواب التدين على مصراعيه،وفتحت الكثير من القنوات الفضائية يحتلها الكثير من خفافيش الظلام، وأصبحت الأمور تسير بشكل خفي نحو تأويلات متطرفة قد تصبح مثل تأويلات طالبان. وهذا ما يحاول النبواني تحذير القارئ العربي من الوقوع في هذا الفخ في المقالات التالية داعيا الى “تفكيك ميتافيزيقا الواحد:لا يمكن أن نحيا إلا معاً، لا يمكن أن نحيا إلا مختلفين “وبعد أن يشرح نظرية ميتافيزيقا الواحد يذكر كيف عمل هذا النموذج في تكريس حالة التجزئة، فخلق انتماءات لا تعترف إلا بجذرها الديني أو الاثني أو العرقي أو الطائفي أو الجهوي أو القبلي فصار هناك دوائر مغلقة ومنكفئة على ذاتها لا تعترف بالآخر إلا تحت إكراه السلطة العليا.ويمضي الباحث في بيان مخاطر سياسة الواحد داعيا ً الى التعددية والاعتراف بالآخر لأنه الطريق الوحيد الذي يحقق التواصل بين المجتمع والأحزاب والسياسات والأديان وبين السلطة والمعارضة.كما يذكر بأن المعارضة التي تنفي شرعية السلطة بالمطلق،لا تقل استبداداً عن تللك السلطة لو استلمت الحكم.في ختام هذه المقالة التي تجسد واقعنا العراقي خاصة والعربي عامة يحذر المؤلف من المد السلفي، ويدعو الى الاعتراف بالآخر و الاقتراب منه. يختتم المؤلف الكتاب بالمحور الرابع (حوارات) وفيه يسجل حواراً مع الفيلسوف الفرنسي جان فرانسوا كيرفيان، وحواراً آخراً مع الفيلسوف العربي السوري صادق جلال العظم وفيهما يسجل المؤلف طروحاتهما الفلسفية حول القانون الفلسفي والعولمة والتطرف الديني...الخ.واعتقد بانها حوارات تماثل ما نشاهده على القنوات الفضائية او على صفحات الجرائد،ولم تأت بشيء جديد وعلى عكس المحاور الثلاثة السابقة.

رابط التحميل

شاركها في جوجل+

عن غير معرف

0 التعليقات:

إرسال تعليق