كانط وفلسفته النظرية - محمود فهمي زيدان


حول الكتاب

قد برهن كانط في أعماله خلال الفترة النقدية على استحالة بناء مذهب من الفلسفة التأملية ("ميتافيزيقا" باللغة الاصطلاحية لذلك الوقت)، دون دراسة تمهيدية لأشكال المعرفة وحدود قدرات الانسان المعرفية. وقد أفضت دراستها بكانط إلى النزعة اللاأدرية، وإلى التأكيد بأن طبيعة الأشياء كما توجد هي نفسها (أي "الأشياء في ذاتها") غير متاحة – من حيث المبدأ – للمعرفة الانسانية. فالمعرفة ممكنة فقط بـ "الظواهر". أي الطريقة التي تتكشف بها الأشياء في خبرتنا. والمعرفة النظرية الحقة متاحة في الرياضيات والعلم الطبيعي فحسب. وتحدد هذا – عند كانط – حقيقة أنه توجد في عقل الانسان أشكال قبلية (أولية) للتأمل الحسي. مثل الأشكال الأولية عن الرابطة، أو التركيب، بين تعدد الأشكال الحسية ومفاهيم العقل. وهذه – على سبيل المثال – هي أساس قانون ثبات الجواهر، وقانون السببية، وقانون تفاعل الجواهر. وعند كانط أنه كامن في العقل شوق لا يمكن قمعه نحو المعرفة المطلقة ناشئ عن متطلبات أخلاقية عليا. وتحت ضغط هذا الشوق يسعى عقل الانسان إلى حل مشكلة نهائية أو لانهائية العالم في الزمان والمكان. وإمكان وجود عناصر لا تنقسم في العالم. وطبيعة العمليات التي تتم في العالم. ومشكلة الله باعتباره موجودا جوهريا بصورة مطلقة. وقد اعتقد كانط أن الحلول المتعارضة قابلة للبرهنة عليها بدرجة متساوية: فالعالم متناه ولا متناه؛ والجزيئات التي لا تنقسم (الذرات) موجودة، ولا وجود لمثل هذه الجزيئات؛ وكل العمليات مشروطة سببيا، وهناك عمليات (أفعال) تحدث حرة؛ ويوجد ولا يوجد موجود جوهري بصورة مطلقة. وهكذا، فإن العقل بطبيعته تناقضي، أي تقسمه التناقضات. ولكن هذه التناقضات ظاهرة فحسب. ويتأسس حل هذا اللغز بالحد من المعرفة لصالح الإيمان، بالتفرقة بين "الأشياء في ذاتها" و"الظواهر"، والاعتراف بأن "الأشياء في ذاتها" غير ممكنة المعرفة. وهكذا فإن الانسان – في آن واحد – ليس حرا (كموجود في عالم من الظواهر) وحر (كذات في العالم المجاوز للحس وغير الممكن معرفته)؛ ووجود الله لا يمكن البرهنة عليه (للمعرفة) وفي الوقت نفسه هناك مصادرة الإيمان الضرورية، التي يرتكز عليها اعتقادنا بوجود الأمر الأخلاقي، الخ. 


رابط التحميل





شاركها في جوجل+

عن غير معرف

0 التعليقات:

إرسال تعليق