انتكاسة المسلمين إلى الوثنية: التشخيص قبل الإصلاح - سيد القمني


حول الكتاب

معظم دول الإسلام، أو رجل العالم المريض، تأتي في مرتبةأ البلدان تخلفاً على كل المستويات، وما زاد الأمر نكاية هو الصحوة الإرهابية التي جعلت من المسلمين أصحاب الحظ الأوفر في العمليات الإجرامية الأشد بشاعة في العالم، مما إستجلب على المسلمين عداء العالم كله، في وقت يشكلون فيه أشد الشعوب تخلفاً وضعفاً وما أكثر عددهم وما أكثر هزائمهم. إنقسم المفكرون في بلاد المسلمين على أطيافهم من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، إلى فريقين رئيسين: فريق أرجع الأزمة إلى عدم إلتزام خير أمة أخرجت للناس بدينها حسب الأصول، وما يجعلها تطلب النصرة السماوية فلا تستجيب السماء لها، وهذا الفريق هو الأكثر إنتشاراً بين جماهير المسلمين. والفريق الآخر ( العلماني ) فقد ذهب مذهباً هو النقيض من الفريق الأول، وهو الأقل إنتشاراً بين الجماهير لكنه الأكثر قدرة على الوصول إلى حلول عملية، والأكثر منطقاً، والأقوى حجة، ويستند إلى الواقع الملموس في نجاح العلمانية أينما طبقت، لذلك تتم محاربة هذا التيار وطعنه لدى المسلمين بكونه يناهض الدين وبناوئه. ويعاني هذا الفريق إضافة إلى التحريض ضده وتبخيسه وتكفيره وتخوينه من خلل شديد أصيل في بنيته، لأن العلمانية أو الليبرالية هي حرية فردانية بطبيعتها وبما تتضمنه من مفاهيم، فيكون الفرد عصياً على الإنضباط والتنظيم الحركي، ولا يخضع العلماني إلا لقوانين العقل والعلم والأصول الحقوقية للمجتمعغ المدني، التي يطيعها عن إقتناع وإيمان بحفظها لسلامته وسلامة المجتمع. والفريق العلماني بالطبع لا يرجع الأزمة إلى تأثر المسلمين بثقافات غير إسلامية، بل يرى أنهم أبعد ما يكونون عن هذه الثقافات بعداً سحيقاً، ولا يرى أن مصائبنا تبدأ مع الإستعمار الحديث وسقوط الخلافة، لأن الخلافة كانت قد مرضت وشاخت وكانت تنتظر من يعلن وفاتها فقط، بل إنها كانت هي مصيبة هذه المنطقة من العالم، وإن الإستعمار لم يكن سبب ضعفنا، بإحتلاله بلادنا، لأنها كانت ضعيفة أصلاً مما سمح للآخرين بالتعدي عليها، فضعفنا أصيل في بنيتنا الثقافية وكان هو سبب الإستعمار وبليس نتيجته. ومن ثم يعيد هذا الفريق أزمة المسلمين إلى تمسكهم بتراثهم الذي تجمد وتجمدوا معه، وهنا ينقسم هذا الفريق ( العلماني ) إلى موقفين ( إضافة إلى الإشتراكيين ) : موقف يرى أن الخروج من الأزمة يتطلب التحرر التام والإنعتاق الكامل من سلطة التراث الإسلامي أو أي دين آخر، الذي يعوقنا عن التقدم والتكيف مع العصر. وموقف آخر يرى أن المأثور الإسلامي جزءا لا يتجزأ من ثقافتنا يستحيل إجراء قطيعة تامة معه، لأنه هدف غير قابل للتحقيق بالمطلق. لذلك فالحل يكون بإعادة قراءة هذا المأثور الهائل وإعادة تصنيفه وتبويبه، وتجديد فهم النصوص بما يتلاءم مع مصالح البلاد والعباد وظروف العصر ومقتضاياته، وصاحب هذا القلم يعتبر نفسه ضمن أصحاب هذا الموقف الثاني من التيار العلماني، ويرى وجوب أن يتم هذا التجديد أو القراءة الجديدة بما لا يصدم الإيمان الإسلامي، ودون الدخول في صراع طائفي مذهبي بين القراءات، أي تقديم قراءة تصالحية إسلامية للمسلمين، قادرة على مواكبة المستحدث في عالمنا الدؤوب تغيراً وتبدلاً، مع الطموح إلى أن تحوز هذه القراءة رضى المسلمين وأيضاً رضى غير المسلمين، وهي مهمة على هذا النحو تبدو عسيرة بل ربما مستحيلة، لكننا سنحاول تجاوز هذه الإستحالة في هذه المجموعة من الدراسات مستعينين بحب جارف لهذا الوطن وللناس في هذا الوطن، وإيماناً غير مشوب بقدرة الإسلام والمسلمين على تجاوز كبوتهم التاريخية.

رابط التحميل

شاركها في جوجل+

عن غير معرف

0 التعليقات:

إرسال تعليق