حول الكتاب
تكمل رواية الشطار رواية الخبز الحافي. حيث ترصد هذه المرة مغامرات شكري المجونية والعبثية ما بين الريف مسقط رأسه وطنجة التي جعلها مكانا لإثبات ذاته الوجودية وشطارته الذهنية.
هذا، وقد ركزت الرواية على الكيفية التي ولج بها شكري عالم المدرسة لأول مرة، وهو كبير السن رغبة في الانسلاخ من الأمية ومحو الفقر. بيد أن المدير رفض قبوله أول مرة؛ ولكنه في الأخير استجاب لطلب مرسله الذي كانت له علاقة طيبة به.
وبعد امتحانات أولية في الحساب والإسبانية، تقرر ضم الكاتب إلى تلاميذ المدرسة الابتدائية، وبدأ حياته الدراسية بطريقة عصامية تعتمد على التعلم الذاتي على الرغم من كبر سنه وفقره المدفع. فقد كان الفتى من أسرة وضيعة جدا نزحت من الريف عام المجاعة لتستقر في كوخ بمدينة تطوان.
وشمر الكاتب التلميذ عن ساعده ليواجه عدة صعوبات مادية ومعنوية. ولكنه ذللها بالجد والمثابرة والمغامرات الاحتيالية والشطارية. وانتقل بعد حصوله على الشهادة الابتدائية إلى الثانوي ثم مركز تكوين المعلمين. وبعد ذلك سيعين معلما في طنجة على الرغم من عدم نجاحه في امتحان التخرج.
وتمتاز علاقة شكري بأفراد أسرته بالتنوع والاختلاف إذ يقسو على أبيه الذي كان يسخر منه ويود قتله والتخلص منه، ولا يحب فيه إلا جيبه. بينما علاقة الفتى بأمه أساسها المودة والمحبة والحنان والرأفة. وعلى العموم كان يطغى على هذه العلاقات الجفاء والبرود العاطفي لانعدام الانسجام بين أفراد الأسرة. وكان الكاتب شاطرا صعلوكا يرغب في الحياة، ويقبل عليها بنهم مجوني لإشباع الرغبات الجنسية والغرائز الجسدية ناهيك عن إقباله المفرط على الخمر والحشيش والكيف المخدر وغير ذلك من المخدرات التي كانت يتهافت عليها صعاليك الشمال المغربي إبان استقلال المغرب وانتصار الحركة الوطنية وطرد المستعمر الإسباني من البلاد.
هذا، وإن رواية "الشطار" رواية واقعية اجتماعية تصور طبقة الصعاليك والشطار الفقراء الذين لم يكونوا محظوظين في حياتهم ولم ينالوا الحنان الأسري. بل وجدوا أنفسهم في الشوارع يطاردهم الفقر، ويدغدغهم الجوع، وتنهشهم الأمية، ينتقلون من فندق إلى آخر باحثين عن لذة عابرة، ومن حانة إلى أخرى اقتناصا للذات وإشباعا للرغبات الواعية والمكبوتة. ويلاحظ أن الرواية ثورة على الظلم، وسخرية من الزيف الاجتماعي والنفاق الطبقي، والتشدق بالشرف والتمسك بشكل الاحترام لإخفاء الانهيار الخلقي للشرفاء المحترمين.
0 التعليقات:
إرسال تعليق