خمسة عقول من أجل المستقبل - هوارد غاردنر


حول الكتاب

يسعى العقل المتنوّر أن يخطط لمسيرة الحياة بصورة سليمة، ويجتهد الكثير من المفكرين والمصلحين من أجل تحقيق الاستقرار والنمو المتوازن في عالم اليوم، ونظرا للتسارع في مختلف المجالات والتزايد الهائل في النفوس وتضارب المصالح بين الجماعات والأفراد، حاول المفكرون ولا زالوا استباق الظواهر السيئة ومحاولة إجهاضها أو الحد من تأثيرها على العلاقات الإنسانية السليمة، من أجل تثبيت ركائز ناجحة لمستقبل متوازن.

ويأتي هذا الكتاب (خمسة عقول من أجل المستقبل/ لمؤلفه هوارد غاردنر) ليصب في هذا الاتجاه ويبحث في السبل التي تجعل من عالم الغد الانساني أفضل من الحاضر أو الماضي أيضا، وذلك من خلال اقتراحه لسلسلة من العقول البنّاءة التي يقود بعضها إلى الآخر، لننتهي إلى العقل الأخلاقي الذي يستطيع بسماته ومساراته المتفردة، أن يحفظ العالم من الانحراف ويسهم ببناء عالم متآخٍ كونه العقل الذي يفضل الجميع على مصالحه.

فقبل سنين نشر هوارد غاردنر (خمسة عقول من أجل المستقبل) مواصلا تركيزه على الأطر النظرية التي تعلي من شأن وخطورة المهارات والقدرات العقلية في حياة الإنسان، ومحاكمته للأشياء من حوله وتعامله مع محيطه بكل تحدياته ومتغيراته ومشكلاته، وجعل الظروف تعمل لصالحه، ويوظف غاردنر خبرته العلمية الطويلة في أبحاث التفكير لاقتراح ما يمكن الإشارة إليه على أنها أنواع أو مستويات من التفكير لازمة، لا لإحداث التغييرات الكبرى في حياتنا ومؤسساتنا فقط، بل في تعاطينا مع التحديات والمشكلات التي نواجهها يوميا، بما فيها المعارف والمعلومات الضرورية لصنع التوازنات الضرورية في حياتنا.

يقترح غاردنر، في كتابه المهم هذا، خمسة أنواع من التفكير أو ما يسميه هو (خمسة عقول five minds) وهي:

1 - التفكير المتخصص (المنظم): وهو عقل أو تفكير المتخصصين والفنيين القادرين على تحويل معارفهم النظرية إلى تطبيق عملي والانتقال بينهما بمرونة.

2 - التفكير التركيبي: وهو التفكير القادر على دمج المعارف والأفكار من مصادر مختلفة لإخراج مشروعه الخاص أو حل مشكلاته أو إبداع تصور ما.

3 - التفكير المبدع: وهو التفكير الميال إلى الابتكار والإبداع و صنع أشياء جديدة.

4 - التفكير المحترم: الميال لاحترام الآخر، وتقدير الاختلاف معه واحترام التنوع القائم بين البشر.

5 - التفكير الأخلاقي: التفكير القادر على تخطي مصالحه الشخصية و حدود “الأنا” الضيقة وتقدير وتفهم مصالح الآخرين. هذه العقول الخمسة كما يراها غاردنر هي التي ستشكل مستقبل الحياة، وتصنع الناس الأكثر تأثيرا، وأولئك الذين يمتلكون زمام المبادرة في مجتمعاتهم ومؤسساتهم، ويمكن ان تحررهم من قيود (الغباءات) التي تعيق كل تغيير حقيقي.

يقول هوارد غاردنر في كتابه: إنني أقوم هنا بالاهتمام بأنواع العقول التي سوف يحتاجها الناس إذا ما كانوا (إذا ما كنا) سيحققون الازدهار في العالم على مدى العصور القادمة وسيظل الجزء الأكبر من مبادرتي توصيفيا، إنني أحدد طريقة العقول التي نحتاجها إلا أني أستطيع أن أخفي حقيقة أنني مرتبط كذلك (بمشروع القيم) فالعقول التي أتولى تصويرها هي أيضا تلك التي أعتقد أنه يجب علينا أن نعمل على تطويرها في المستقبل. وبوصفي مرشدا لكم فإنني سوف اقوم بعدد من المهمات، وبوصفي عالما نفسيا متمرسا أمتلك خلفية تنطوي على تجارب في حقل العلوم المعرفية والعلوم العصبية، فإنني سوف أعتمد بصورة متكررة على ما نعرفه من منظور علمي، عن آلية عمل العقل البشري والدماغ البشري، غير أن البشر يختلفون عن الأجناس الأخرى في كوننا نمتلك التاريخ، وكذلك نمتلك ما قبل التاريخ والمئات المئات من الثقافات المتنوعة، وأشباه الثقافات مع إمكانية اتخاذ خيار واع مبني على إطلاع واسع. ويتساءل غاردنر لِمَ هذه العقول الخمسة؟ وهل بالإمكان تغيير اللائحة أو توسيعها بسهولة؟ ويضيف قائلا: جوابي المختصر هو التالي: العقول الخمسة التي جرى تقديمها للتو، هي أنواع العقول المرغوبة جدا وبشكل خاص في عالم اليوم، ولسوف تكون مطلوبة أكثر من ذلك في الغد. ويؤكد غاردنر بشأن تعددية وجهات النظر: كنت قد أكدت مدة من الوقت بأن العمل المتعدد الاختصاصات والحقيقي، يجب أن ينتظر إتقان العمل المختص، وفي خضم الهرولة باتجاه النجاح المتعدد الاختصاصات يجازف المرء بإجراء عمليات اندماج وتكامل قبل أوانها، وهي في الواقع عمليات غير متخصصة، ومهما يكن بالنظر إلى الأهمية المتزايدة للعمل المتعدد الاختصاصات، والضغوط الحالية لتشجيعه على الأقل على المستوى الخطابي فإن المربين يحتاجون إلى التأكد بأنه إذا كان قد تم إنجازه فانه قد أنجز بافضل ما يمكن. وحول أهمية العقل المحترم، يؤكد غاردنر أن احترام الاخرين هدف منطقي، ويضيف قائلا:

إنني أفضل مفهوم الاحترام بدلا من تجاهل الخلافات التي تتم تزكيتها من قبلها أو السعي لإلغائها من خلال المحبة أو الكراهية، فإنني أدعو الكائنات البشرية إلى أن تتقبل الفروق، وأن تتعلم أن تتعايش معها، وأن تقدر أولئك الذين ينتمون إلى جماعات أخرى. وحول التهديدات التي تقف حيال التوجيه الاخلاقي يقول غاردنر:

إن تهديدات أمام التوجيه الاخلاقي هي ببساطة ومن وجهة نظر واحدة، مقولة مناقضة للعوامل التي تولد عملا صالحا وبامكاني إلقاء نظرة عامة عليها بسهولة فإذا ما افتقد المرء في البيت أولياء الأمور أو أوصياء ممن يجسدون السلوك الاخلاقي، وإذا ما كان أنداد المرء في مرحلة الطفولة أنانيين مستغرقين في شؤونهم الذاتية ويعظمون من شأن أنفسهم، وإذا كان لدى المرء مرشد حاقد أو ليس لديه مرشد ناصح إطلاقا وإذا ما كان الرفاق الأولين للمرء في العمل ميالين إلى إنجاز العمل كيفما اتفق، وإذا ما كان المرء يفتقر للقاحات الدورية من الصنف الإيجابي، أو كان عاجزا عن استخلاص دروس هادفة وموضوعية من حالات لعلم مشبوه عندها، فإن الفرص التي يقدم فيها المرء عملا جيدا صالحا تكون هي الفرص الأقل. وأخيرا يقول غاردنر: في تحليلي الخاص على الأقل فإن عبارتي (احترام) و (أخلاق) تفهمان فقط داخل مجتمع من الكائنات البشرية الحيوية، ولكن الهشة وتعني الإشارة إلى آلة ميكانيكية مهما كانت سريعة وتحمل من وحدات (البايت) باعتبارها محترمة أو اخلاقية تعني ارتكاب خطأ في التصنيف. وسوف يعتمد بقاء ونجاح جنسنا البشري في أي حال على قيامنا برعاية قدرات كامنة تعد بشرية بصورة متميزة.

شاركها في جوجل+

عن غير معرف

0 التعليقات:

إرسال تعليق