حول الكتاب
كتاب رهانات الفلسفة العربية المعاصرة، وهو حصيلة أشغال مؤتمر فلسفي دولي، نظم تحت هذا الاسم بنفس الكلية، بين يومي 20/21 نونبر2009 بتنسيق محمد المصباحي. ووفق ورقة العمل المؤطرة لأعمال هذا المؤتمر، فإن هذا الأخير أريد له أن تتسم بحوثه بالطابع العملي، بحيث تنأى بنفسها عن ما دأبت المؤتمرات الفلسفية العربية السابقة عليه من تقييم ومراجعة لوضع الفلسفة العربية منذ بداياته الحديثة، وكذا من تصنيف وفرز لمراحلها، والتساؤل عن مدى أصالتها وقيمتها بالنسبة لواقعها أو بالنسبة للفلسفة الغربية. هذا إضافة إلى الابتعاد عن الكلام عن صدمة الحداثة، أو عن النهضة العربية، أو عن تقابلات التراث والحداثة ولواحقهما، وكذا عن الدور الذي لعبته الفلسفة في تأويل العالم وفهمه. فعلى العكس من كل هذا، فالمؤتمر يسلم بوجود فلسفة عربية معاصرة، لم يعد هناك مجال للتشكيك فيه، مما يعني أن المطلوب هو الكلام عن كيفية تعاطيها مع واقعها، وكذا كيفية مواجهتها للأسئلة الجديدة التي تهم الإنسان العربي من حيث هو مرآة للإنسان العالمي (ص 7-8).
وهكذا أراد هذا المؤتمر لأشغاله أن تحكمها روح تفاؤلية، تبعدها عن جلد الذات، والتأكيد على عجزها، خصوصا وأن هناك من الحوافز الكثيرة، على رد الاعتبار لهذه الذات في ممارسة القول الفلسفي بضمير المتكلم. ومن بين هذه الحوافز: التجربة الفلسفية الواسعة والعميقة التي تختزنها اللغة العربية، بفعل احتكاكها بالفلسفة اليونانية. فهي تجربة بدا تأثيرها الإيجابي واضحا اليوم على الفلاسفة العرب المعاصرين، بحيث ساعدتهم على تحقيق ولو حد أدنى من إمكانية التواصل الفلسفي مع اللغات الفلسفية الأوروبية الحديثة والمعاصرة. كما تتجلى في ذلك الإرث الفلسفي الغني الذي خلفه التراث العربي الإسلامي، والذي كان مؤشرا على ازدهار حضاري، رغم المضايقات التي كان يتعرض القول الفلسفي بين الحين والآخر. هذا إضافة إلى حافز رهان التحديث في الحاضر العربي. لكن بقدر ما هناك من الحوافز، بقد رما هناك أيضا من التحديات التي تواجه هذا التحديث، يجب أن تواجهها بحوث المؤتمر، تحديات فكرية وواقعية، داخلية وخارجية، أوقعت الإنسان العربي في لبس وحيرة(ص.7).
ومن هنا تطرح على الفلسفة العربية المعاصرة، مهمة مواجهة هذه التحديات، لوضع العالم العربي على سكة الحداثة والتنوير. وهي مهمة وزعها المؤتمر على خمسة قضايا أساسية، هي ما يشكل محاور هذا الكتاب، تتمثل في: رهانات الفلسفة السياسية، والدينية، ورهانات مجتمع المعرفة، والحاضر في الفلسفة العربية، وأخيرا راهن هذه الفلسفة.
لكن هل تحقق ما كان يعول عليه هذا المؤتمر، أي ممارسة القول الفلسفي باسم ضمير المتكلم؟ يجيبنا محمد المصباحي في مقدمة هذا الكتاب كمنسق لأشغال هذا المؤتمر، بالقول بأن جل الأبحاث قد التزمت بورقة العمل الموجهة لأعمال المؤتمر، بحيث أبانت "‘عن إرادة الجرأة على التفلسف"(ص.7)، وهي إجابة توحي بعدم التزام بعض الباحثين بورقة العمل هاته.
رابط التحميل
0 التعليقات:
إرسال تعليق