حول الكتاب
في هذا الكتاب، وهو الأول في موضوعه وفي منهجيته بالعربية، يمدد جورج طرابيشي على سرير التحليل النفسي الخطاب العربي المعاصر الذي بدأ ينتج نفسه ويعيد إنتاجها بآلية تكرارية منذ الرضة الحزيرانية عام 1967، ويخضعه لحفريات سيكولوجية تكشف عن بنيته التحتية ومعيناته اللاشعورية تحت مجهر ما يسميه المؤلف بـ"عصاب جماعي عربي" وهو العصاب النكوصي الذي يتمظهر من خلال خطاب التراث كما تمارسه شريحة واسعة من الانتلجنسيا العربية. ولئن كان القسم الاول من الكتاب يرصد العصاب الجماعي في الحالة العامة لتظاهره من خلال تحليل نقدي لموقف المثقفين العرب الاجتراري من التراث، فإن القسم الثاني منه مكرس لتشخيص حالة سريرية خاصة هي ثلث تقدمها كتابات حسن حنفي باعتباره الممارس الأكثر تميزاً وتمثيلاً وإنتاجاً لخطاب التراث في الايديولوجيا العربية المعاصرة. ورهان طرابيشي لا يخلو من جرأة ومجازفة... فإن يكن في دراساته السابقة قدم قراءة تحليلية نفسية ثاقبة للرواية العربية، فهل الخطاب التراثي، بظاهره المجرد والموضوعي، قابل للتحليل بوصفه هو الآخر ضرباً من سيرة ذاتية تعكس عقدة نفسية أكثر مما تشف عن موقف معرفي من التراث.
0 التعليقات:
إرسال تعليق