حول الكتاب
يشير فريد هاليداي بأن "خرافة المواجهة" التي يشير إليها عنوان كتابه هذا، هي خرافة مستدعية من جهتين متناقضتين: في الظاهر، من معسكر الغرب بالدرجة الرئيسية ولكن ليس في الغرب حصراً،
هذا المعسكر الذي يسعى إلى تحويل العالم الإسلامي إلى عدد آخر، ومن معسكر أولئك الذين يدّعون، من داخل البلدان الإسلامية، إلى المواجهة مع العالم غير المسلم وبخاصة العالم الغربي. وهي تنطوي على محاجة، فهي إذ تنتقد أيديولوجيات من سعوا طويلاً إلى الهيمنة على العالم الإسلامي، فإنها تنتقد أيضاً الكثير مما يحدث بوصفه رداً "بديلاً"، "محلياً" من داخل هذه البلدان نفسها. وبهذا المعنى فإن هذا الكتاب سيجابه بالرفض من قبل المجموعتين على حد سواء. ولكن مثل هذا النقد، والمقاومة التي تستشيرها عادة محاجات كهذه، لن يفعل الكثير بحد ذاته لتبديد الالتباسات المحيطة بقضية "الإسلام" في العالم المعاصر. وهناك سببان رئيسيان لذلك. أولاً. إن دراسة الخرافات، كما يوضح هذا الكتاب بعدد من الطرق، يمكن أن تكشف طابع الخطاب الوهمي أو الزائف، ولكنها تحيط اللثام أيضاً عن الأهداف التي تكمن وراء إشاعتها. فإن خرافات "الخطر الإسلامي" شأنها شأن خرافات الشرعية أو القومية، هي جزء من الوقود الخطابي للصراع السياسي، يستخدمها أولئك الذين يريدون البقاء في السلطة والذين يطمحون إلى الظفر بها. وما دامت هناك مصالح كهذه، فإن نسج الخرافات سيتواصل بهدف الشرعنة والتضليل والإسكان والتعبئة، يضاف إلى ذلك أن مثل هذه الخرافات، رقم الحقيقة الماثلة في إمكانية الكشف عن زيفها، فإنها ما أن تنسج ويجري التعبير عنها حتى تكتسب حياة كبيرة خاصة بها. وعلى سبيل المثال، فإن خرافات الكراهية العنصرية يمكن أن تبدأ على شكل أكاذيب يختلقها معادون للأجانب لا وزن لهم، ولكنها ما أن تنقل إلى الميدان السياسي وتنشر في سياقات ما بين اثنية حادة حتى تكتسب قوة وواقعاً كانت تفتقر لهما في السابق. وتجري عملية ماثلة مع "خرافة المواجهة" المتعلقة بالإسلام ومثل هذه الخرافات إذ تشاع ضد المسلمين، يعتمدها الإسلامويون أيضاً لتبرير قضاياهم. وهذا كله ينبغي أن يؤدي إلى الحذر من المدى الذي يمكن أن يبلغه نقد الخرافة من فاعلية، رغم أن من المهم ان لا يبقى من يشيعون الخرافة، أياً كان معسكرهم، بمنأى من التحدي، وهذا، من حيث الجوهر، هو غرض البحث في هذا الكتاب.
0 التعليقات:
إرسال تعليق