حول الكتاب
يتألف الكتاب -الذي يعتبر موسوعة بحثية تجمع لغات العالم في دراسة واحدة- من تسعة فصول ومقدمة تمهيدية، ويتناول المجموعات اللغوية على مستوى العالم أو ما أسماها المؤلف بظاهرة التكوكب اللغوي الكوني التي قال إنها أصبحت جزءاً لا يتجزأ من النظام العالمي، وإنها تعد ظاهرة اجتماعية عالية الخصوصية يمكن فهمها في ضوء نظريات العلوم الاجتماعية.
وجاء في الكتاب أن ظهور اللغة كان تحولا عظيما بكل المقاييس، وأن تطورها كان دليلاً قاطعاً على الإبداع الإنساني، ولما كانت اللغات قد نضجت كلٌّ على حدة في سياق الانتقالات والتحولات الجمعية، فلابد وأنه قد برزت للوجود أشكال جديدة للنطق، وظهرت الآلاف من الكلمات المستحدثة وتطورت مئات القواعد النحوية والتراكيب اللغوية وكذلك الاستثناءات اللغوية التي لا تحصى.
ويستعرض الكتاب التنافس بين المجموعات اللغوية العالمية عبر دراسة اللغات من وجهتي نظر كل من علمي الاجتماع السياسي والاقتصاد السياسي، أما الأول فيركز على بنية النظام اللغوي وأنظمته المحيطة، كما يعنى بما تسمى "الغيرة اللغوية" بين الجماعات المختلفة، واحتكار النخبة للغة الرسمية، وإقصاء الأميين وغير المتعلمين، كما يولي اهتمامه لاستخدام اللغة كوسيلة لتحقيق الحراك الاجتماعي الصاعد.
أما علم الاقتصاد السياسي فيتصدى لتحليل الطرائق التي يحاول الناس بها تعظيم فرصهم في الاتصال، وكيف أن هذه المحاولات تصادف معضلات في العمل الجمعي إلى الدرجة التي قد تدفعهم دفعاً للنزوح الجماعي نحو لغة أخرى والتخلي عن لغتهم الوطنية.
كما يتطرق هذا العلم إلى ما يجري في علاقات التبادل غير المتكافئ بين المجموعات اللغوية الصغيرة والكبيرة، ويشير الكتاب إلى أن الكثير من هذه الأفكار المستقاة من علمَي الاجتماع والاقتصاد لم تطبق أبداً من قبل في مجالَي دراسة اللغات والمجموعات اللغوية المختلفة.
ويبين كتاب "كلمات العالم.. منظومة اللغات الكونية" أن البشرية التي فرقت بينها كثرة اللغات، قد ارتبطت مع ذلك عبر شبكة المتحدثين المتعددي اللغات، فأقامت مجموعات لغوية متناسقة مضيفة بذلك بعداً آخر للنظام العالمي.
ويرى المؤلف أن الجنس البشري يتفرع لما يربو عن الخمسة آلاف جماعة يتحدث كل منها لغة مختلفة ولا يفهم أيّاً من لغات الآخرين، ورغم كل هذه الوفرة اللغوية جلبت البشرية على نفسها بلبلة لغوية جمة، وعلى الرغم من ذلك ظل الجنس البشري بأنواعه مترابطاً، وبذلك حفظت التعددية اللغوية اتصال البشرية التي فرقت بينها كثرة اللغات.
ويؤكد المؤلف أن روابط التعدد اللغوي بين المجموعات اللغوية المختلفة لم تظهر اعتباطاً، ولكنها على خلاف ذلك أقامت شبكة اتصال قوية فعالة مدهشة تربط بشكل مباشر أو غير مباشر بين سكان الأرض.
ويقول الكاتب إن الاعتقاد يتزايد حالياً بأن كل اللغات الجاري استعمالها على الأرض تنتمي إلى أصل مشترك وأنها تطورت على الأرجح في أعقاب المسيرة التطورية للبشر الحاليين المنحدرين من سلالة جينية مشتركة خلال ما يقارب المائة والعشرين ألف عام.
وأخيراً يرى المؤلف أن الناطقين الأصليين باللغة الإنجليزية محظوظون لأن لغتهم أصبحت لغة عالمية عابرة للحدود ولذلك أتاحت لهم هذه الخاصية العديد من الفرص العظيمة كما وفرت عليهم الكثير من الجهود، ومن ناحية أخرى بذل مئات الملايين من البشر جهوداً مضنية من أجل الاستفادة من اللغة الإنجليزية باعتبارها لغة أجنبية ناقلة للفكر الكوني.
0 التعليقات:
إرسال تعليق