مشكلة العلوم الإنسانية: تقنينها وإمكانية حلها - يمنى طريف الخولي


حول الكتاب

حضارة العرب قائمة على اللغة والفصاحة والبلاغة وفن القول، فالشعر فنها الأول وديوانها الأكبر، وهى تتفوق على الحضارات جميعا بأنها تتحدث اللغة ذات العدد الأكبر من المفردات، التى تعد بالملايين، بينما لا تتجاوز مفردات اللغة الإنجليزية - مثلا - سبع مئات من الألوف.
ومع هذا فإن أخبث مواطن الداء فى الثقافة العربية - كما تؤكد د. يمنى طريف الخولى فى كتابها «مشكلة العلوم الإنسانية» الصادر عن دار رؤية، هى عدم الحرص على دقة المصطلح، حتى إن معظم المصطلحات المهمة والخطيرة فضفاضة، تتسم بالهلامية، قد تستخدم للدلالة على مدلولات شتى متداخلة أو متقاربة، أو متباعدة أو حتى متضاربة.
هذا التمهيد يبدو ضروريا لتحديد مصطلحات عنوان هذا الكتاب أو موضوعاته، ما دام يبحث فى منطق (العلم)، وهذا المصطلح حديث، لم تتم صياغته إلا فى الثلث الأول من القرن التاسع عشر، ولم يظفر - كما تقول يمنى الخولى - بتحديد ما إلا على يد بعض الفقهاء، كابن تيمية وابن حنبل، وغيرهما ممن أصروا على أن (العلم) يقتصر على أصول الدين وتفسير القرآن والشريعة والسنة، بل ذهبوا إلى أن أى استعمال آخر له هو من قبيل التجديف.
تؤكد د. يمنى الخولى أن المستنيرين من الفقهاء والفلاسفة و العلماء، وأيضا المتكلمين ذوى النزوع العقلانى نهضوا لتأكيد أن (العلم) هذا النشاط الشريف يتطرق إلى مجالات أخرى كالرياضيات والنظر العقلى فى شتى المواضيع والأمور، وفى كل حال - توضح الخولى - كان مصطلح (العلم) فى ثقافتنا العربية، ولايزال، مصطلحا شديد العمومية، يشير - على أحسن الفروض - إلى أى بناء عقلى نظامى، وأى دراسة منهجية.
معنى هذا أن مصطلح العلوم الإنسانية يشير إلى الدراسات التى تستهدف الإحاطة المنهجية الوصفية والتفسيرية بالظواهر الإنسانية، كعلوم الاجتماع والاقتصاد والنفس والأنثروبولوجيا والجغرافيا. إلخ، ولا ينطبق على الدراسات الإنسانية الأخرى المعيارية والتنظيمية من قبيل فقه اللغة والقانون والشريعة والنقد الأدبى وأنظمة المحاسبة والإدارة، أى أنها تخرج عن مجال البحث وعن مجال فلسفة العلوم التجريبية.
ولا تنفى د. يمنى خطورة هذه العلوم وأهميتها الحضارية الكبيرة، بل إنها ترى أن تطور اللسانيات و اللغويات فى القرن العشرين قد توغل كثيرا داخل حدود العلم، ومجرد أصول له قد انعكست على مسار العلوم الإنسانية فيما يعرف بالاتجاه البنيوى، وما تلا هذا من تطورات معرفية مهمة، حدثت بفعل الحاسب الآلى. 

رابط التحميل

شاركها في جوجل+

عن غير معرف

0 التعليقات:

إرسال تعليق