الشبق المحرم: أنطولوجيا النصوص الممنوعة - إبراهيم محمود


حول الكتاب

حضور الجنسيّ فينا.. خارج المصنف، إنه ليس حضوراً، بقدر ما يكون حقيقة كينونة، ووجوداً إنسانياً، يجسدهما كل من الكائنين: الرجل والمرأة وعلى قدم المساواة، بل إن الجنساني في حقيقة أمره يفصح عن غنى مدلوله، وثراء الأنثوي، عندما يتم عنه، أو تناوله خارج مساحة المحظور هذه التي تتسع وتتعمق على صعيد الكتابة، وعلى صعيد المألوف الحياتي هنا وهناك، عند التركيز على حيوية جسد كل منهما. ولعل التدقيق في أنشطة الجنسي، ومؤلات الجسد عبرها يرينا فظاعة التحريف لما يجري التعتيم عليه. وخيانة الجسدي للإنسان (نموذجنا الذي نجسده ونقترب منه باستمرار). إن الإفصاح عن ميكانيزم الجسدي، يرينا القصيدة الذكورية في ليّ عنق الحقيقة التي تهمنا، وذلك بتهميش الأنثوي. إن ترويج الخوف من الجنس، وتنيشط استعمال مفردات تخدمه: كالخطر والفساد والأغلال والتفكك الاجتماعي وتضعضع القيم، وما يلي ذلك من أشكال حظر وقمع ومنع وأذى، أيديولوجيا فضائحية، ما دام كل ما يمس الجنسي كما هو يعاش، حتى لدى المعنيين به. فالاقتصاد الجنسي يحتكر باستمرار من قبل أولي الأمر.

ضمن هذه المقاربة يأتي البحث في أنطولوجيا النصوص الممنوعة. ويطرح الباحث تساؤلاً وتوضيحاً ومنه ينفذ إلى سبب بحثه في هذا الموضوع: "ترى لماذا هذه المعايشة للمهمش في العمق، وبالمقابل هذا التعالي عليه، والاحتماء بتقية استعراضية هنا وهناك؟ ثمة أكثر من قناع، أو حجاب: نفسي وقيمي واجتماعي ومعتقدي يمنعنا من مكاشفة ما نحن فيه وعليه، وقد تعودنا طويلاً قول ما يجب قوله، وسلوك ما ينبغي الأخذ به، فقط لإثبات أننا على أفضل ما يرام، ونستحق شهادة حسن سلوك بامتياز. إن رعب الحياة اليومية، ومسْرحة القيم، وبهرجة القيمي، ونخر الواقع كمجموعة حقائق متداخلة، كل ذلك وقائع تضرب بجذورها في صميم ما نفكر فيه ونخطط له، ولهذا نعيش متعة الطهرانية، ولذة المراءاة، وحيوية تخلف اليومي فينا، وبالمقابل نمارس فضيلة جهادية وافتخارية وإثباتاً للذات بتكفير وتأثيم أولئك الذين نقلوا إلينا وقائع جمّة من العالم الآنف الذكر".

وانطلاقاً من ذلك كله، كان المؤلف يسعى في العديد من مؤلفاته طرح موضوعه الأساسي الذي هو مقاربة اللذة (الهاربة) والمقموعة والمجتباة بأشكال مختلفة، والذي يرى بأنها حُمِّلت أكثر من تسمية، ولُبّست أكثر من رداء معتقدي وتمذهبي، وصنفت حلالاً أو حراماً عبر مخارج؛ تعبيراً عن حيويتها وأصالة وجودها في الفرد. وقد قام بالتعرض لذلك في كتابه "الجنس في القرآن" متوسعاً في ذلك عبر "جغرافية الملذات الجنس في الجنة" ومتوقفاً مطولاً، وعلى أكثر من صعيد عند بعض الظواهر القديمة والمنتشرة حتى الآن هنا وهناك، وهي (اللواط، والسحاق، ومواقعة الحيوان)، في كتابه "المتعة المحظورة - الشذوذ الجنسي في تاريخ العرب" وهو الكتاب الذي انتشر على أكثر من صعيد عبر أكثر من قناة رغم حالة الحظر عليه وعلى تداوله هنا وهناك.

أما في كتابه هذا "الشبق المحرم" الذي هو بين يدي القارئ، فمن خلاله يحاول المؤلف تعميق تلك المواضيع التي شكلت دروساً تخصّ الجسد في مختلف أنشطته الممنوعة والمشروعة، ومن خلال مصادر مختلفة (تراثية طبعاً)، ومقاربة بنية المواضيع تلك، التي لم تحلل، ولم يتعامل معها إلا باعتبارها سخيفة أو لتزجية الوقت، وحالة نشاز في التاريخ، وكأنها بذلك فتحت المجال واسعاً لقراءة أدبياتها، جهراً أحياناً، في أكثر من مكان له طابعه الرمز الاجتماعي، ومعاودة القراءة من باب الاطلاع والاتعاظ، بينما هي تحرك وتخاطب ما هو منشود ومثار هنا وهناك. ويقول المؤلف بأنه ورغم إدراكه بأن ما يطرحه من أفكار، وما يصوغه من تساؤلات، وما يتركه من إجابات مفتوحة ليبقي باب الاستكمال مفتوحاً، قد يصدم الكثيرين بدعوى أن ما يقوم به يسيء إلى أدبيات الأخلاق المتداولة، إلاّ أن ما يدفعه عقلياً هو إيقاظ المغيّب، والإفصاح عن حقيقةٍ محاربة ومقموعة حتى من قبل أصحابها، وهم عاجزون عن مكاشفة حقيقة ما هم عليه وفيه.

رابط التحميل

شاركها في جوجل+

عن غير معرف

0 التعليقات:

إرسال تعليق