حول الكتاب
صدر الكتاب أساسا في باريس باللغة الفرنسية Defense du Coran Ses Cirtiques, وترجمه إلى اللغة العربية الدكتور كمال جاد الله المدرس بكلية اللغات والترجمة في جامعة الأزهر واستهلت به دار نشر جديدة هي دار الجليل إصداراتها في القاهرة.
ويعد كتاب الدكتور عبدالرحمن بدوي مفاجأة لمن يتابعون أفكاره التي انصبت من قبل على الفلسفة والأدب والشعر وتحقيق كتب من التراث الفلسفي العربي, بينما يعد هذا الكتاب كتابا عن الدين في المقام الأول.ولقد اتهم الدكتور عبدالرحمن بدوي كثيرا بالترويج لأفكار المستشرقين, وفي هذا الكتاب يهاجم المستشرقين هجوما ضاريا ويصفهم بالجهل والسقوط والحقد والتفاهة والتعصب والهذيان المرضي.
وكان الدكتور أحمد عبدالحليم أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة أصدر كتابا بعنوان: (الصوت والصدى) حول أفكار الدكتور بدوي في كتبه السابقة ذهب فيه إلى أن أفكار الدكتور عبدالرحمن بدوي هي مجرد صدى للاستشراق, بينما خصص الدكتور بدوي كتابه هذا للرد على أفكار المستشرقين حول القرآن الكريم منذ النصف الثاني للقرن التاسع عشر.
ويلخص أسباب التردي الذي وقع فيه هؤلاء المستشرقون بأنه ناتج عن جهلهم باللغة العربية وضحالة ونقص معلوماتهم عن المصادر العربية وسيطرة الحقد على الإسلام الذي ورثوه ورضعوه منذ طفولتهم على عقولهم وتسببه في عماء بصيرتهم ونقلهم الأكاذيب حول القرآن والإسلام بعضهم من بعض وتأكيدهم لها والمشابهات الخاطئة التي دفعت السطحيين منهم إلى إصدار أحكام سريعة (نقل ـ اقتباس ـ تقليد ـ تأثير وتأثر) وأن ليس في القرآن إلا توافق ظاهري, إضافة إلى كل هذا الالتزام التبشيري شديد التعصب.
ثم يحدد الدكتور بدوي منهجه في البحث بالمنهج الوثائقي والموضوعي الواضح وأنه يهدف إلى كشف القناع عن العلماء المزعومين الذين قدموا الضلال والخداع لشعب أوربا ولغيره من الشعوب الأخرى. ويؤكد أن القرآن يخرج دائما منتصرا على منتقديه.
ماذا تعني (الأمي)؟
ويبدأ الدكتور بدوي كتابه بمناقشة المستشرقين لأقوالهم حول الوصف (أمي) الذي يطلق على النبي صلى الله عليه وسلم, ويرى أنه من خلال الاستشهاد بالآيات القرآنية التي وردت فيها الكلمة وما جاء في لسان العرب نجد أنفسنا أمام أصلين لكلمة أمي:
1ـ أمي مشتقة من أمة.
2ـ أمي مشتقة من الأم.
وكلا الأصلين للكلمة يمكن أن يقبل من الناحية النحوية, ولكن من ناحية المعنى هناك اختلاف كبير ينشأ عن استخدام الأصل الأول أو الأصل الثاني, لأن الأصل الثاني لكلمة أمي المشتقة من الأم يسمح لنا بأن نقصد بكلمة أمي من لا يقرأ ولا يكتب, أما الأصل الأول لكلمة أمي المشتقة من أمة فلا يسمح لنا بأن نقصد بهذه الكلمة من لا يقرأ ولا يكتب.
يقول الدكتور عبدالرحمن بدوي تعليقا على هذا الاشتقاقولذلك فإن الذين يظنون أن معنى كلمة أمي التي يوصف بها النبي صلى الله عليه وسلم أنه ينتمي إلى الأمة العربية يخدعون أنفسهم لأنه من الزيف أن نقول إن الكتابة كانت نادرة أو غير موجودة عند العرب. ومن ناحية أخرى, فإن كثيرا من الأمم كانت على نفس شاكلة الأمة العربية في هذه الحالة.. فلماذا إذن نقصر استخدام هذا المصطلح على الأمة العربية دون غيرها ؟ " .
وأيضا هناك اعتراض آخر على قصر هذا المصطلح على الأمة العربية وهو متضمن في الآيات القرآنية الكريمة التي تطبق معنى المصطلح أمي وأميين على الأمم حيث يفترض وجود أمم عديدة معارضة لأمتي التوراة والإنجيل أي اليهود والنصاري أهل الكتاب.
ثم يقوم بعرض آراء المستشرقين الأوربيين (سبرنجر, فنسنك, هوردفيتس, بول, فللينو) حول معنى كلمة أمي وأميين والتي تدور جميعا حول وثني أو من غير أهل الكتاب أو الإنسان الذي يستطيع القراءة لكنه لا يستطيع الكتابة. ويدحض الدكتور بدوي دعوى ما ذهبوا إليه جميعا ويبين عبثية تفسيراتهم على حد تعبيره ويرى أن كلمة أمي المنطبقة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم تعني (عالمي مرسل إلى جميع الأمم) وكلمة أميين تعني (الأمم كل الأم).
القرآن والعهد القديم
ثم يبحث الموازاة الخاطئة بين القرآن والعهد القديم وتأكيد معظم المستشرقين أن محمدا باعتباره مؤلفا للقرآن اقتبس أغلب القصص وعددا كبيرا من الصور البيانية وكذلك الحكم والأمثال من الكتب المقدسة أو شبه المقدسة لدى اليهود والنصاري.
يقول الدكتور عبدالرحمن بدوي:
"ولكي نفترض صحة هذا الزعم فلابد أن محمدا كان يعرف العبرية والسريانية واليونانية ولابد أنه كان لديه مكتبة عظيمة اشتملت على كل الأدب التلمودي والأناجيل المسيحية ومختلف كتب الصلوات وقرارات المجامع الكنسية, وكذلك بعض أعمال الآباء اليونانيين وكتب مختلف كنائس الملل والنحل المسيحية".
ويتساءل: هل يمكن أن يعقل هذا الكلام الشاذ لهؤلاء الكتاب وهو كلام لا برهان عليه؟
إن حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم قبل ظهور رسالته وبعدها معروفة للجميع, على الأقل في مظاهرها الخارجية, ولا أحد قديما أو حديثا يمكن أن يؤكد أن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم كان يعرف غير العربية, إذن كيف يمكن أن يستفيد من هذه المصادر كما يزعمون؟!
ويعترض على اعتراض ساقط آخر ـ على حد تعبير الدكتور بدوي ـ وهو الانتحال في القرآن, ويرى أنه يحدث عندما يذكر القرآن حقيقة عامة ذكرت في الكتب المقدسة اليهودية والنصرانية, وكأنه يجب على القرآن الكريم حتى يكون بريئا من أي انتحال أن يقول أشياء مخالفة للعلم العام أو الرشاد.
ثم يناقش الدكتور بدوي آراء هيرشفيلد (1854 ـ 1934) حول وجود بعض المتشابهات بين القرآن والتوراة, ويضع آيات القرآن وآيات التوراة التي ادعى هيرشفيلد اقتباس القرآن منها جنبا إلى جنب, ويثبت أن زعم هيرشفيلد بوجود شبه وتماثل بين القرآن والتوراة زعم عار تماما عن الحقيقة, وهذا يثبت ـ على حد قول الدكتور بدوي ـ أن هيرشفيلد كان ضحية لهوس مرضي سببه ذلك التعصب الأعمى المختلط بالزهو والغرور.
ويستمر في تفنيد آراء كليرمون جانو ويوسف هورفيتس وهينرش سيير ونولدكه وجيجر وغيرهم من المستشرقين.
الفرقان
أما عن كلمة فرقان ومحاولة المستشرقين إثبات أصلها اليهودي والمسيحي فيبين الدكتور بدوي عبثية إثباتهم أن كلمة فرقان منقولة عن الكلمة العبرية بيركه Prike أو عن الكلمة السريانية فرقانة ومعناها الخلاص. بينما يؤكد الدكتور بدوي أن معنى فرقان تفرقة كمعنى ضمني, والتقدير بين الخير والشر, بين الحق والباطل أو ترجمتها صراحة بكلمة القرآن.
ثم ينتقل إلى مناقشة الافتراضات الخيالية لمرجليوث حول أصل كلمة مسلم, وفرقان وبيركه, إبراهيم, وصلاة المسلمين والتدريبات العسكرية, وتاريخ الفاتحة والصوم وتحريم الأشربة الخمرية وبعض الأطعمة وبعد أن يدحض هذه الافتراءات يقول: إن تفسير مرجليوث يكشف عن تعصب أعمى.
ويستمر في تفنيد آراء جولدتسيهر حول القياس الخاطىء بين الإسلام واليهودية فيناقش آراءه حول إله إسرائيل وإله الإسلام والصوم اليهودي والصوم الإسلامي والقبلة والشريعة الإسلامية والهالاخاة اليهودية.
أما عن الصابئين في القرآن فيستعرض مناقشا آراء مختلف المستشرقين الذين حاولوا شرح معنى الصابئين, ويرى فساد تفسير اسبرنجر بأن معنى الصابئين مقابلة كلمة الحنيفيين وكذلك فساد تفسير هو روفيتس وكارادوفو ويبين صعوبة وجود حل لمشكلة الصابئة في القرآن.
ثم يؤكد أن مفهوم الرسل في القرآن أكثر أهمية منه في اليهودية والنصرانية, ولذلك فمن العبث عقد مقارنة في هذا الموضوع بين المسيحية والإسلام, والأكثر عبثا أن نزعم أن الرسول استعار مصطلح الرسل من المسيحية.
كما يدحض زعم نولدكه وشفالي حول هل للبسملة مصدر في العهد القديم وقولهما إن الصيغة التي تبدأ بها كل سورة في القرآن فيما عدا سورة براءة (التوبة) جاءت مقتبسة من اللغة المستعملة في الإنجيل فيرى الدكتور بدوي أنه ليس هناك أي علاقة بين آيات الإنجيل والبسملة, وأن قضية المستشرقين المشار إليهما بلا برهان وغير قائمة على أي نص أو وثيقة ويتساءل: كيف يستبيحون هذه الفرضية؟ هذا ما يدعو إلى العجب, ثم يناقش المشكلة القديمة الحديثة التي أثارها علماء المسلمين من قبل وهي مشكلة الألفاظ الأعجمية في القرآن.
ويناقش رأي المستشرقين حول النداء القرآني: { يا أخت هارون} وقضية هامان وزيرفرعون.
رابط التحميل
0 التعليقات:
إرسال تعليق