حول الكتاب
وافقت في آذار/ مارس 1990، في خلال زيارة للسعودية مع ابننا كريغ، على إقتراح من الشيخ "أحمد صلاح جمجمرم"، المدير العام لصحيفة المدينة اليومية في جدة، فقد طلب في أن أكتب زاوية أسبوعية تنشر في صحيفته الصادرة باللغة العربية إضافة إلى صحيفة أخرى تصدر في الرياض باللغة الإنكليزية وهي "ذي سعودي غازيت"، وكتبت على إمتداد تسع سنوات، أكثر من أربعمئة مقالة حمل كلّ منها ترويسة "الحبر بالكلام".
وحاولت من خلالها إيصال منهم للعملية السياسية الأميركية وتأثير اللوبي الإسرائيلي في صنع السياسة الأميركية في الشرق الأوسط... قبل وقت قليل على وفاتها، قالت لي المؤلفة "غريس هالسل"، الصوت القوي المغالب بالعدالة في الشرق الأوسط، "علينا التضافر معاً، لأننا قليل عديدنا، فلا يزال عدد من هم على إستعداد لإنتقاد إسرائيل جهارة قليلاً، وعلى الذين يجهرون بالكلام أن يستعدوا لتلقي المعاملة الحشنة".
التحذير من التأثير المضر للّوبي الإسرائيلي في المجتمع الأميركي الذي أطلقته في "من يحرذ على الكلام" الذي نشر للمرة الأولى 1985، اكتشب صدقية متزايدة بعد ذلك باثنين وعشرين عاماً مع نشر كتاب "اللوبي الإسرائيلي" والسياسة الخارجية الأميركية" الذي احتل قائمة الأكثر مبيعاً وتشارك في تأليفه عالماً السياسة البارزان الدكتور "جون مرشماير" من جامعة شيكاغو والدكتور "ستيفن والت" من جامعة هارفرد... واعترف والت في ملاحظات أولى بها في تجمع في واشنطن العاصمة في تشرين الأول / اكتوبر 2008، بعملي الرائد عندما قال "وصل بول قبلنا"، وقال أنني استحق "إقراراً ضخماً بالفضل" على هذا "التحليل الأكثر شمولية" الذي يظهر أن بعض تكتيكات اللوبي ليست مفيدة للولايات المتحدة.
وعلى الرغم من أن بعض النقاد استقبلوا كتاب مرشماير ووالت في برودة أحياناً وأحياناً في فظاظة، فإن الكتاب وما تلاه من مقالات وظهور إعلامي للكاتبين يشكلان قفزة عملاقة في إتجاه النقاش الحضاري في شأن العربي الإسرائيلي والذي يحتاج المجتمع الأميركي بشكل كبير، فمجتمعي كارتر الذي له سجل مؤيد لإسرائيل لا يفوقه فيه أحد، أصبح بعد مغادرته البيت الأبيض من المدافعين الذين لا يتعبون ولا يخافون عن حقوق الإنسان للفلسطينيين... دخل الرئيس "باراك أوباما"، بعد سنوات طويلة من الإهمال ممن سبقوه في الرئاسة، أدغال الشرق الأوسط بطلب وقف المستوطنات اليهودية في داخل فلسطين التي تحتلها إسرائيل وبإعلان دعمه دولة فلسطينية مستقلة، وتحدّى رئيس وزراء إسرائيل بنياميين نتنياهو طلب أوباما وأصدر أمراً سريعاً بتوسيع المستوطنات.
ولما واجه "أوباما" صعوبات في موافقة الكونغرس على الإصلاحات المتعلقة بالعناية الصحية أسقط طلب تجميد الإستيطان، وربما استنتج أنه سيخسر المعركة الشديدة في شأن العناية الصحية إذا واصل في الوقت نفسه المواجهة مع إسرائيل، وقد واجه في منتصف الصراع حول العناية الصحية، دليلاً متجدداً إلى خنوع الكونغرس أمام العربي الإسرائيلي، فالقرار الذي وضعت الإيباك، العربي الإسرائيلي الأساس، مسودته وتندد فيه بتقرير القاضي الجنوب الأفريقي المحترم "ريتشارد غولدستين" للأمم المتحدة عن جرائم الحرب في غزة والذي لاقى إستحساناً على نطاق واسع، تحت الموافقة عليه بمعارضة 33 صوتاً في مجلس النواب المؤلف من 435 عضواً، دمرّ في مجلس الشيوخ من دون أي إعتراض.
وقد قفز جميع أعضاء الكونغرس تقريباً بطاعة عبر الدولاب الذي يحمله العربي الإسرائيلي، أما هل يصدر أوباما إنذاراً إلى إسرائيل ويقف وراءه بحزم فمسألة فيها نظر، وبمعنى بول فندلي في الكشف عن كواليس السياسة أميركا الخارجية تجاه العالم، يصف فندلي ومن واقع معايشته الفعلية للمنهجية التي تتبعها الولايات المتحدة الأمور دون مواربة فهو السياسي المخضرم النائب السابق، الجمهوري عن إيلينور، والذي أمضى 22 سنة من تلّة الكابيتول، يصف الأمور كما رأها ويراه تميز فندلي بأنه واحد من أعضاء قليلين في الكونغرس ممن يقولون كلمتهم بشجاعة، فهو الذي قابل الزعيم الفلسطيني الراحل "ياسر عرفات" مراتٍ عدة، وهو الذي أعرب عن تعاطفه مع محنة الفلسطينيين وعن إنزعاجه من المساعدة التي تقدمها الولايات المتحدة إلى "إسرائيل التي تنتهك القانون لتدمير قومية بأكملها". وهو إلى هذا يختلف بقوة مع الحكومة الأميركية التي تحاول أداء دور شرطي العالم... ويكتب أنه، منذ قولي أوباما السلطة، "مئة إشارات مقلقة إلى أنه محاط بالجنرالات، وإلى أنه ضُلِّلَ للتوهم أن هزيمة المتمردين () ممكنة بالقنابل والصواريخ، وهو، بدلاً من وقف العمليات القتالية الأميركية، يلوح بسيوف جديدة، ويدعو إلى النصر أفغانستان.
اختير فندلي لنيل جائزة لينكولن، وعاش على مستوى هذا التكريم العظيم بصفته مدافعاً قوياً عن تشريع الحقوق المدنية، ووقف أيضاً في الجانب الصحيح في معارضته حرب فيتنام وتحدث معارضاً عندما لوّح الرئيس "جونسون" بقرار خليج تونكين ليبرر إرسال قوات برية لها حدود إلى فيتنام.
هذه المواضيع ومواضيع أخرى نتناول السياسة الخارجية الأميركية بعين المراقب والناقد يطرحها بول فندلي في كتابه هذا، الذي تحدث عنه "هيلين توماس" عميدة المراسلين السابقة في البيت الأبيض بالقول "وعلى الرئيس أوباما أن يقرأ الكتاب ليحظى بالمزيد من التبصر بالضغوط التي يخضع لها على حساب المصالح الأميركية، والحياة، والثروة، ولم يفت الأوان بعد على التعلم من النائب فندلي، الرجل صاحب الضمير الحي، الذي يجرؤ على قول الحقيقة".
رابط التحميل
0 التعليقات:
إرسال تعليق