للطلاب والباحثين: سبعة كتب لتعلُّم منهجية البحث العلمي


ربما نجد الكثير من الكتب المحطوطة في رفوف المكتبات أو المنشورة على شبكة الإنترنت المصنفة في خانة “بحث”، وقد نجد الكثير من المقالات التي يسميها أصحابها “أوراقًا بحثية”، لكن الأعمال البحثية الجيدة التي لا تشوبها أخطاء قاتلة تحرف نتائجها أو ذات فكرة مضافة فوق ركام أرشيف الجاهز هي قليلة جدًّا وأقل كثيرًا مما قد تتصور، ولا سيما في مجال العلوم الإنسانية بسبب صعوبة فصل الذات (الباحث) المشبعة بالقيم الأخلاقية والمعتقدات والأفكار المسبقة عن الموضوع المدروس (الظاهرة الإنسانية) بعكس العلوم الطبيعية التي يغيب عنها هذا الإشكال نسبيًّا.
ذلك يعود لكون البحث العلمي عملية شاقة ودقيقة وشحيحة في مخرجاتها بالرغم من حجم المعلومات والبيانات الهائلة التي تتخللها، إنها حرفة بمعنى الكلمة، تحتاج إلى تكوين نظري وخبرة ميدانية وأحيانًا إلى الموهبة، والأهم من ذلك تحتاج إلى القدرة على التجرد التام من الذات وما تحمله من معتقدات دينية وثقافية وأفكار جاهزة أو مسبقة أثناء عملية البحث، والارتكان فقط إلى المعطيات المحصلة من الميدان دون تحميلها من المعاني أكثر مما لا تسعه.
في هذا التقرير سنقدم سبعة كتب تتناول منهجية البحث العلمي، هي بالتأكيد قد لا تكفي وحدها دون خبرة ميدانية، إلا أنها بداية الطريق لكل محترف في البحث العلمي.
بداية يجدر بنا الإشارة إلى أن كل تخصص من الحقول المعرفية يملك منهجية بحث خاصة به نسبيًّا، باعتبار أن الحقول العلمية أصبحت متداخلة اليوم، بيد أن مناهج البحث تنقسم عمومًا إلى صنفين، منهج خاص بالعلوم الحقة ومنهج خاص بالعلوم الإنسانية، وبالطبع بينهما هوة واسعة سواء على مستوى مرحلة التنظير للبحث أو مرحلة التنفيذ نظرًا لاختلاف طبيعة الموضوع (الظاهرة) بينهما.

تأليف وليام تورشيم وجيمس دونلي، تم نشره في طبعته الأولى سنة 2006، يعده المتخصصون أفضل ما كتب لتعليم الطلاب طريقة عمل البحث العلمي، يشرح فيه الكاتبان وليام وجيمس، بأسلوب مبسط عملية البحث من بدايتها إلى نهايتها.
الكتاب يزود القارئ بشرح مفصل للمناهج الكيفية والمناهج الكمية المستعملة في البحث العلمي، ناهيك عن تقديمه مقدمة نظرية حول كل عنصر من العناصر التي يغطيها الكتاب، إنه يقدم تغطية شاملة لطريقة عمل البحث، من الإشكالية انتهاء بكتابة تقرير البحث، بالإضافة إلى تفصيله في طرق القياس والتحليل والتأويل، وتطرقه لتقنيات البحث والتصميم وقضايا نظرية متعلقة برؤى البحث.

أحد الكتب المرتبطة بالبحث العلمي الأكثر مبيعًا، دليل شامل لعملية البحث العلمي، من تأليف ثلة من الباحثين، واين وجوروج ووليامز وجيجروري، موجه لطلاب الجامعة والباحثين الأكاديميين والمنظمات والمراكز البحثية.
يشرح الكتاب بوضوح طريقة تصميم وصياغة الأبحاث، مفصلًا العناصر الأساسية التي يحتاجها كل بحث مع طرح أمثلة تبين ذلك، فنجده يعرض خطوات البحث العلمي وأدوات توثيقه مع كيفية الاستعانة بالمراجع، وطريقة إعداد المسودة الأولى، ثم توضيح عمليات تنظيمها وتقويمها وتدعيمها بالرسوم التوضيحية والأشكال البيانية، مثلما يثير جوانب مشوقة تهم عمل الأبحاث، كطريقة تحديد الموضوع بشكل مناسب، وإيجاد فرضيات صلبة، والحفاظ على الترابط المنطقي بين أجزاء البحث الفرعية والعامة، وكذا تغطية الثغرات التي قد تتخلل البحث حتى يكون محكمًا.
يشرح الكتاب مختلف مراحل إتمام البحث العلمي، تأليف محمد عبيدات دكتور في التسويق وسلوك المستهلك، ومحمد أبو نصار دكتور في المحاسبة، وعقلة مبيضين دكتور في الفلسفة في الإدارة الحكومية، يعد الاختيار الأنسب للطلاب المبتدئين في ممارسة البحث العلمي.
يغطي الكتاب في ثناياه ثمانية فصول: مقدمة في منهج البحث العلمي، والبحث العلمي المراحل والخطوات، ومناهج البحث العلمي، ومصادر وطرق جمع البيانات، والعينات، وتجهيز البيانات وتحليلها، والتحليل الإحصائي باستخدام برنامج spss، وتوثيق المعلومات، وأخيرًا كتابة تقرير البحث.

“مقدمة في البحث العلمي” ألفه برايت ويلسون، تم نشره منذ سنة 1991، إلا أن لا يزال يحظى بقيمته المعرفية، حيث يقدم الرؤية الفلسفية التي ينبني عليها البحث العلمي، ويؤصل جذوره التاريخية، إنه كتاب مناسب لفهم أعمق لعمل البحث العلمي.
يخص الكتاب البحث العلمي في العلوم الطبيعية مثل الكيمياء والبيولوجيا والجيولوجيا والفيزياء والطب، وبالإضافة إلى الأرضية النظرية للبحث العلمي التي يحملها الكتاب، يناقش أيضًا القواعد العلمية، وأساسيات البحث، لكنه لا يهمل أيضًا طرح التقنيات المناسبة للبحوث، وبجانب ذلك يناقش الكاتب مشاكل البحث العلمي وبعض الثغرات التي تحتاج مزيدًا من البحث والبناء.

مثلما يشير اسمه إلى أنه دليل تعلم البحث العلمي للمبتدئين خطوة خطوة، يوضح الدليل مختلف الخطوات التي يمر بها البحث العلمي من البداية حتى النهاية، من تأليف رانجيت كومار، وهو مدرس بجامعة كورتين للتكنولوجيا في أستراليا، تم نشر الكتاب العام الماضي فقط.
يقدم رانجيت في كتابه شرحًا تفصيليًّا بأسلوب بسيط للغاية لعملية البحث العلمي، يزود فيها الباحثون المبتدئون بالتقنيات والأدوات اللازمة لمباشرة مشروع بحثي، ونصائح لطريقة تصميم البحث وبنائه بطريقة منطقية ومترابطة.
من الفصول التي تطرق إليها الكاتب بخصوص منهج البحث العلمي: استمارات الأسئلة، الاعتبارات الأخلاقية، طريقة مراجعة أدبيات البحث، اختيار تصميم البحث، اختيار العينة، جمع وتحليل البيانات بالطرق الكمية والكيفية، صياغة تقرير البحث. بلا شك إنه دليل مناسب لطلاب العلوم الإنسانية لمساعدتهم في مباشرة مشروعاتهم البحثية الجامعية.
بلغ الكتاب الطبعة الرابعة، وهو من تأليف نورمان دينزين وإيفونا لينكولن، تقدم الكاتبتان عرضًا مبسطًا لطريق بناء البحوث الكمية، وهو دليل مخصص لطلاب المدارس والجامعات.
تعرض الباحثتان في كتابهما شرحًا لطبيعة المنهج الكمي، وقواعد استعماله، والحالات التي يتناسب معها، كما يطرح التقنيات المستعملة ميدانيًّا لمقاربة الموضوع بطريقة كمية، كما يشرح الدليل كيف يمكن للأبحاث الكمية أن تغير العالم وفائدتها في تشخيص الأوضاع.

الفيلسوف غاستون باشلار هو مؤلف الكتاب، وباشلار هو المنظر الأول لطبيعة المعرفة العلمية المعاصرة كما نعرفها اليوم. خلال القرن الثامن عشر كانت المعرفة العلمية يتنازع ملكيتها طرفان متنافران، اتجاه عقلاني يتقدمه ديكارت واتجاه تجريبي يتزعمه جون لوك، وكل منهما كان يدعي بقدرة نهجه على الوصول إلى الحقيقة دون الآخر، فجاء غاستون باشلار ووضع تصورًا جديدًا للمعرفة العلمية، تصور يقوم على التكامل بين العقل والتجربة لبناء واقع علمي موضوعي، يقول في هذا الصدد “لا بد للتجريب من أن يذعن للبرهان أو الحجة كما لا بد للبرهان أو الحجة من أن يرجع إلى التجريب”.
قبل بدء أي بحث علمي يُطلب من الدارس أولًا أن يعرف كيف يشتغل منطق العقل العلمي بالطريقة التي نعرفه بها اليوم، هذا الأمر سيساعده في بناء موضوعه بطريقة علمية محكمة، لأن مجرد تطبيق قواعد شكلية وتقنيات، هو بدون جدوى إن لم يدرك الدارس كيف يشتغل العقل العلمي المعاصر، للوصول إلى نتائج صلبة يمكن التعويل عليها.
شاركها في جوجل+

عن غير معرف

0 التعليقات:

إرسال تعليق