أفضل 5 كتب على قائمة نيويورك تايمز لعام 2015


شعور عميق بالمسافات التي تفصل حركة الترجمة العربية عن العالم كل عام بمجرد صدور قائمة الكتب “الأفضل” عن صحيفة نيويورك تايمز، وشوق لسنوات حتى نجد ترجمة هذه الكتب متوفرة للقارئ العربي، للقضاء على الشغف القائم على إدراك أنه على الشاطئ الآخر أحجار كريمة تكمن في عقول تعيش واقعا يختلف عنا ولها هموم تشغلها.
  • 1- أن تكون نيكول: تحولات أسرة أمريكية (آيمي إيليس نوت)


تصور آيمي بسخاء وتفهم المعلمات للحب الأبوي في قصة واين وكيلي ماينز، وهما زوجان أمريكيان طيبا القلب، يجتهدون في العمل وحالتهم بين الغنى والفقر. مروا بسنوات طويلة حاولوا فيها الإنجاب حتى انخفضت توقعاتهم بإمكانية حدوث حمل. حتى تحقق الحلم على حين غرة من كليهما ورزقا بتوأم، لكن تطلعات الإنسان للحصول على ما يريد يشوبها بعض الأنانية، فرغم مرورهم بقصص الآباء المعتادة في مرحلة الطفولة، وتخيلاتهم عن هذه الكائنات الصغيرة يهمسون في آذانهم بكل ما ينتظرونه منهما.
منذ بدأ الأب تعليم ابنه “وايت” كيف تكون ذكرا أمريكيا بدأ الطفل يعبر عن رغباته في اقتناء ملابس ليتل ميرميد وأنه يشعر بحنق عميق ضد جسده ويصرخ في أمه “متى أصبح فتاة حقيقية؟”.
بصعوبة بالغة حاول الأبوان نسيان ما كرروه على أنفسهم سنوات في طرق تربية الأطفال، وعليهم الآن الدخول في صراع مع تقاليدهم وعاداتهم وتوتر التحول لأسرة طفل متحول جنسيا. كان بطل هذا التحول هي الأم، كيلي، التي اشترت لولدها قميصا ورديا، وسمحت له بإطالة شعره ونادته “ابنتنا” وهو في حمام السباحة أمام الأسر، وقررت الانتقال بأسرتها لمدينة بعيدة معزولة، لكن هذا لم يحم “وايت” من المفاجأة عندما قابله مصطلح “المتحولون جنسيا” على الإنترنت، واكتشف التناقض بين مظهره الخارجي وأعضاء جسده، ويبدأ الارتباك يظهر في تصرفاته ويشعر كأنه محبوس في الجسد الخطأ.
  • 2- الجريمة والصمت: مذبحة اليهود في زمن الحرب (آنا بيكوت)


في عام 1941 في بلدة تقع شمال شرق بولندا، حشد الكاثوليك جيرانهم اليهود وقتلوا منهم 1600 رجل وامرأة، باستخدام الفؤوس والهراوات والسكاكين، ثم جمعوهم في حظيرة خشبية على أطراف البلدة، سكبوا البنزين عليهم وأشعلوا النيران حتى فيما تبقى من الرضع وبدأوا بمساعدة الفلاحين من القرى المجاورة بنهب بيوت اليهود فجر يوم المذبحة.
كتب هذه القصة الصحفي البولندي بيكوت بأسلوب إنساني مؤلم في حقيقته، محاولا إعادة إعمار التفاصيل الموجعة لهذه الجريمة. وعلى الجانب الآخر تحاول أسر وأحفاد مرتكبي هذه الجريمة والسياسيين اليمينيين والمؤرخين والصحافيين ورجال الدين الكاثوليك التغطية على الحادث وإلقاء اللوم على الضحايا.
في الحقيقة عام 1949 تم توجيه التهم لـ11 بولنديا وشرطيا، وعرضوا للمحاكمة وتم تبرئتهم جميعا، ويبدو أن إجراءات المحاكمة المنشورة بالصحف لم تحدث ضجة ولو محلية، وبعد ذلك خفف من الحساسية قتل هتلر لثلاثة ملايين يهودي بولندي، وانتهت الحرب العالمية الثانية. وبعد سنوات قليلة شيد أهل البلدة نصبا تذكاريا عند الحظيرة القديمة ونقشوا عليها “هنا تم حرق اليهود أحياء وعلى من فعل هذا من الكاثوليك النوم بأمان”.
  • 3- بين العالم وأنا (تا كوتس)


بأسلوب رائع يحذر الأب الأمريكي من أصل إفريقي ابنه المراهق من الوقوع تحت ظلم العنصريين، وخطورة الاعتقاد بأن الجنس الأبيض وحدهم القادرين على التغيير.
كوتس رجل أسود كان الصوت الوحيد في شوارع بلتيمور ونجا بأعجوبة من أحداث العنف، والآن هو يهرب من كل خطة للقبض عليه وإلقائه بالسجن، بخاصة بعدما بدأ بحكي كل ما حدث بمدينته عبر مدونته، بدون تنقيح للحقيقة، بصوت متواضع متَحدّ، يوضح للعالم كيف يعيش السود بأمريكا، وكيف يتم قتلهم بشكل قانوني بعنف الشرطة المتواصل، ويضع الشباب السود على شفا حركة نضال جديدة لتحريرهم من الخرافات السائدة، التي تولد الشعور بالرضا والانهزام والتقاعس عن العمل والطلب بحق المساواة.
“بين العالم وأنا” يحمل رسالة مختلفة جدا على الرغم من أنه مكتوب بهيئة رسائل إلى صبي أسود هو ابنه البالغ من العمر 15 عاما، فيقول كوتس في الصفحة الأولى: “أنت تعرف الآن أن الحكومة في بلدك منحت الشرطة حق قتلك، وأنا أقول لك الآن أن كونك أسود مسألة يجب فرضها على هذا البلد، ما دمنا أحياء، ولقد خلقنا من أجل هذا”.
واحدة من أعمق نقاط هذا الكتاب أنه غير موجه للبيض، وبعيد عن هذا الأسلوب المعتاد من جر اللين والإقناع والتحذير الذي يحدث تلقائيا دون وعي، فكوتس هنا لا ينكر الألم والرعب من مفاهيم العدالة الأمريكية ويؤكد مرارا على إمكانيات الولد ويحثه على الاعتقاد بأن التغيير الثوري هو الطريق لحل الصعاب وأنهم كشعب أسود عليهم حل الصعاب ومخالفة توقعات أولئك الذين يسعون للسيطرة عليهم واستغلالهم.
  • 4- رواية طعام لذيذ (جيمس هاناهام)


في مكان يبدو أفظع من الجحيم يقع في ولاية لويزيانا الأمريكية، يبدأ جيمس بالحكي على لسان امرأة عجوز بيدان مبتورتان، من الذي بترهما؟ دعنا نخمن.
أفعال وحشية من الصفحة الأولى، فالمرأة المدمنة على المخدرات والدة لناشط أسود قتلته الشرطة ما أتى بمزيد من المآسي لباب منزلها، حيث تلقت عقد عمل بشركة “طعام لذيذ” جاءتها بشاحنة صغيرة لتنقلها للمزرعة وأجبروها على العمل من أجل تسديد أجرة غرفتها في المخيم المجاور، تأكل كل يوم من طعام مخلوط بالكوكايين؛ وسيلتهم للإبقاء عليهم رقيقا مدمنا مهزوما لا يمكنهم الهرب.
الرواية مأخوذة عن أحداث حقيقية وصفها جيمس بالعبودية الحديثة بمزارع منتشرة بأمريكا يعمل فيها الفقراء مقابل الكحول والمخدرات، الأمر غير الجديد، لكن الكاتب ربطه أكثر بالأمريكيين من أصول أفريقية العاملين بالمزارع، ونقل صوت طفل فقد والديه بسبب الإدمان، وامرأة فقدت زوجها في حرب فيتنام. الحالة الوحيدة التي تمت المساواة بينه وبين أمريكي أبيض لتبقى هي بالمزارع بينما جيمس يعقد المقارنة بين الحاضر وكلاسيكيات النضال ضد العنصرية فتتبعثر منه القضية، حيث الوضع لم يختلف.
  • 5- رواية الباب (ماجدة زابو)


تتعمق هذه الرواية في الروابط بين امرأتين مختلفتين تعيشان في المجر الشيوعية، حيث كانت ماجدة زابو واحدة من أهم كتاب القرن العشرين، و”الباب” من أشهر رواياتها.
مشاعر ماجدة التي تنقلها تقدم طريقة جديدة لرؤية الحياة، وتأتي بصور ذهنية تتسارع أمام عينيك وأنت تميز بين رغبة أفراد الشعب في مد فرص من التواصل الإنساني، بينما مرارة التاريخ تعصف به وهو ما حدث بالمجر مؤخرا.
انتقلت ماجدة وأسرتها الصغيرة إلى منزل كبير بالريف، وعادت للكتابة بدوام كامل بعدما توقفت إجباريا عنها لمدة 10 سنوات بقرار حكومي لأسباب سياسية، وهنا ومع زيادة الأعباء والمسؤوليات احتاجت لمدبرة منزل. بدأت الأمور تتعقد مع تعلق أبناء ماجدة بهذه المرأة على نحو قوي جدا، وبدأت ماجدة أيضا تلاحظ قوتها رغم الفقر وقدرتها على أداء مهام يستحيل لامرأة أرستقراطية مثلها أن تفعلها، وبقيت المرأة بعيدة عن الأسرة “اجتماعيا”، حتى مرضت ماجدة وهنا سمحت لها بعبور عتبة المنزل “الأرستقراطي”، لتشهد أسرارهم وتحذرها ماجدة من أنها دخلت لمنطقة مقدسة، لكن خطوة الود الأولى لم تأت من المدبرة.
سيطر على ماجدة الشعور بالعجز والمرض والحاجة لهذه المرأة القوية. لم تتوقف العلاقة هنا، أطلعتها ماجدة على كتاباتها الدينية والسياسية والأدبية، وباحت لها بأسرارها وأفكارها المعارضة؛ لتبدأ أوصال صداقة قوية. طوال الرواية تلمح ماجدة لتعاليم الكتاب المقدس ورواية “ذهب مع الريح” وتبرر لنفسها ما كان في أحلك سنوات المجر: “الخيانة”؛ خيانة امرأتين جمعتهم علاقة صداقة بسيطة غير مشروطة في منتصف القرن العشرين ببودابست قررتا دفع تكاليفها حتى موتهما.
شاركها في جوجل+

عن غير معرف

0 التعليقات:

إرسال تعليق