حول الكتاب
هذا الكتاب يحاول أن ينقب عن القيم السياسية التي ترسبها الطرق الصوفية في عقول المريدين سواء كانت قيما سياسية إيجابية أم كانت قيما سياسية سلبية. وينطلق من دراسة حالة حول طريقتين صوفيتين مصريتين كدراسة ميدانية استخدم فيها المؤلف طريقة الملاحظة بالمشاركة والاستبيان في التعامل مع مجتمع البحث وجمع المعلومات، ويؤسس على بناء نظري معين حول تاريخ علاقة الطرق الصوفية بالسلطة السياسية، تاريخ علاقتهم بالجماهير تاريخ علاقتهم بالتنظيمات والجماعات الإسلامية الأخرى سواء التي تحتضن الظاهرة الصوفية ولا تجافيها أو تلك التي تناصبها العداء وتحاربها. ثم على الأفكار الصوفية، أركان التصوف التي تقوم حول المحبة والولاية والزهد والمعرفة اللدنية أو المعرفة الجوانية وليست المعرفة القابلة للمنطق والبرهان التي من الممكن أن نعرفها بالحواس الخمس المعروفة لكنها المعرفة الحدسية، هذه المعرفة هل تنتج في اللغة وفي الفكر وفي فلسفة التصوف قيما ساسية إيجابية أم سلبية؟ كذلك الزهد، الزهد الذي من الممكن أن ينتج قيما سياسية إيجابية حين يكون المريد زاهدا فيما لدى السلطة من منافع ومن أموال ومن مناصب ومن مصالح أو على العكس من ذلك من الممكن أن يؤدي الزهد إلى الانسحاب الكامل من الدنيا بأسرها وبالتالي الانسحاب من السياسة باعتبارها ممارسة دنيوية، والمحبة عند الطرق الصوفية التي من الممكن أن تعزز قيمة التسامح عند المتصوف بحيث يحب الآخرين ويقبل الآخر لأن القيم التي ترسبها الطرق في ذهنه هي كذلك. أيضا تطرقنا إلى التنظيمات الصوفية، لدينا تنظيمان، في تنظيم روحي وفي تنظيم إداري، التسلسل الروحي كما يعرفه المتصوف أي قيم من الممكن أن ينتج؟ وكذلك التسلسل الإداري في.. أنا أتحدث عن الطرق الصوفية المصرية، لدينا أكثر من 78 طريقة صوفية في مصر، حولت الممارسة الدينية في طقسها وفي تصورها إلى ممارسة أقرب للفلكلور الشعبي منها للدين، ونحن نتعامل معها من زاوية علم الاجتماع السياسي ليس باعتبارها دينا خالصا أو طريقا للإسلام لكن باعتبارها خلطا بين الدين وما بين الفلكلور الشعبي في تاريخ مصر الطويل هذا الفلكلور الذي تغلغل في تلك الظاهرة حتى تشبعت منه وبالتالي أصبحت جزءا منه وأصبح جزءا منها. ننتقل من هذا البناء النظري إلى تصور عملي حتى نثبت المقولات التي جاءت في الجزء النظري فأخذنا طريقتين صوفيتين كدراسة حالة، الطريقة الحامدية الشاذلية والطريقة الخالدية، الحامدية الشاذلية منتشرة في أماكن كثيرة في مصر واستطاعت على مدار تاريخها أن تطوي تحت سلطانها العديد من أفراد النخبة السياسية المصرية، نجد وزراء ونجد لواءات جيش ونجد مثقفين كبار نجد كتابا ونجد متنفذين في الجهاز البيروقراطي أصبحوا جزءا أو أصبحوا مريدين داخل هذه الطريقة. وكذلك الطريقة الخليلية الموجودة في محافظة الشرقية شمال شرق القاهرة ولها تمدد في تلك المنطقة ولها امتداد أيضا في العالم العربي ومولد شيخه أبو خليل يأتيه الناس من كل أنحاء العالم العربي من الشام ومن مصر ومن المغرب العربي، هذه الطريقة أيضا درسنا كيف يمكن للشيخ فيها أن يتحول إلى ما يشبه الزعيم الكاريزمي أو الزعيم الملهم الذي يؤثر في أتباعه تأثيرا كبيرا ويصبح لديهم مطاعا ويصبح كلامه مسموعا بدرجة كبيرة تصل إلى حد الخضوع الكامل حتى أن المتصوف يقول إن المريد بين يدي شيخه كالميت بين يدي مغسله. انتهينا من كل هذا إلى أن الطرق الصوفية المصرية هي طرق فلكلورية منسحبة من السياسة إلى حد ما تدور في فلك النظام الحاكم على مدار تاريخه.
"هناك فرق كبير بين طرق صوفية تواكب الحداثة وتنخرط في العمل العام حتى تتمكن من دفع رموزها إلى قمة الهرم السياسي مثلما هي الحال في تركيا، وطرق صوفية تماهت في فلكلور وباتت ظاهرة احتفالية بعد أن التصقت بثوب التقليدية وتكلست عن إنتاج أي ممارسات سياسية إيجابية إلا ما تستفيد منه السلطة في تكريس شرعيتها مثلما هو الوضع في مصر التي إن كان يمكن -على استحياء- تصنيف طرقها الصوفية بأنها أحد روافد المجتمع الأهلي اعتمادا على النشاط الخيري لبعضها فإن من الصعوبة بمكان الطموح إلى تثويرها أو إنهاء مسألة انسحابها الواضح نسبيا من الحياة السياسية أو على الأقل تنقيتها من بعض مظاهر الخرافة والدجل التي سقطت فيها".
"هناك فرق كبير بين طرق صوفية تواكب الحداثة وتنخرط في العمل العام حتى تتمكن من دفع رموزها إلى قمة الهرم السياسي مثلما هي الحال في تركيا، وطرق صوفية تماهت في فلكلور وباتت ظاهرة احتفالية بعد أن التصقت بثوب التقليدية وتكلست عن إنتاج أي ممارسات سياسية إيجابية إلا ما تستفيد منه السلطة في تكريس شرعيتها مثلما هو الوضع في مصر التي إن كان يمكن -على استحياء- تصنيف طرقها الصوفية بأنها أحد روافد المجتمع الأهلي اعتمادا على النشاط الخيري لبعضها فإن من الصعوبة بمكان الطموح إلى تثويرها أو إنهاء مسألة انسحابها الواضح نسبيا من الحياة السياسية أو على الأقل تنقيتها من بعض مظاهر الخرافة والدجل التي سقطت فيها".
رابط التحميل
0 التعليقات:
إرسال تعليق