إسرائيل كما رأيتها - مارتين مونو


حول الكتاب

تحرص إسرائيل منذ سنوات على جلب التأييد الدولي والإعلامي لها من كلِّ مكان؛ لذلك تعتمد على جذب أنظار مشاهيرِ العالَم والمعروفين عالميًّا لزيارتها وقضاء إجازاتِهم السنوية بها، وقد تجلَّى هذا في السنوات الأخيرة بشكل لافتٍ للنظر من خلال دعوةِ ساسةٍ بارزين، وكتَّاب وصحفيين ورجالِ فن، بل وفِرَق رياضية عالمية شهيرة لزيارة إسرائيل، وتلجأ إسرائيل إلى تسجيل شهاداتهم وإبرازها كعنصرِ دعمٍ إعلامي هام لـ"واحة الديمقراطية الصغيرة" في منطقة الشرق الأوسط، كما يتفاخر بذلك كبارُ القادة الإسرائيليين، ويضطر أغلب هؤلاء المشاهير لتلبية هذه الدعوات والردِّ عليها كأحسنِ ما يكون؛ خوفًا من سيف الاتهام بـ"معاداة الساميَّة" المعلَّق فوق رقابهم، والذي تستغله إسرائيل كتهمة مخلَّةٍ بالشرف الأخلاقي في المجتمعات الغربية؛ للتشهير بمن ينتقد السياساتِ الإسرائيليةَ، أو ينكر مذابحَ "الهولوكوست" التي تعرَّض لها اليهودُ في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية، وهي تهمةٌ كفيلة بتدمير سمعة من يتلبَّس بها، أو بأية أفكار مضادَّة للصِّهْيَونية؛ لذا يلجأ أغلب هؤلاء الكتَّاب والصحفيين والساسة للمهادنةِ، وإيثار السلامة، وتمرير أكاذيب الصِّهيونية على مضضٍ، دون ردٍّ لأباطيلها كما تقضي بذلك الأمانةُ الأخلاقية.

يُعَدُّ هذا الكتاب على صِغَر حجمه وقِدَم تاريخه من الشهادات الحية الصادقة التي كُتبت في أحوال الدولة الإسرائيلية الوليدة في وقته، حيث لجأت الصحفية والكاتبة الفرنسية "مارتين مونو" لتسجيل شهادتِها على ما عاينَتْه خلال زيارةٍ لإسرائيل في مطلع السبعينيات من القرن العشرين، قضت فيها قرابة الشهر في أنحاء البلاد، وكانت زيارتها بعد نكسة عام 1967، والتي أَطلق عليها الإسرائيليون: "حرب الأيام الستَّة" اعتزازًا بأحداثها، حيث هَزمت خلالها إسرائيلُ جيوشَ ثلاث دول عربية في أَوْجِ قوتِها خلال ساعات خاطفة، واحتلت أغلب أجزاء فلسطين والضِّفة الغربية وهَضبة الجولان وشِبْه جزيرة سيناء؛ مما جعل القادة الإسرائيليين يَتيهون فخرًا بهذا الانتصار غير المتوقَّع، ويتصرَّفون كما لو كانوا آلهةً في إسرائيل على حدِّ وصف الكاتبة، وهذه الانتصارات المتلاحقة، والمساحات الواسعة من الأراضي العربية التي احتلتْها إسرائيل - جعلتها ترتقي من دولة وليدةٍ في طَور التأسيس في منطقة الشرق الأوسط إلى دولة ذات كيان وسَط المحافل الدولية في سنواتٍ قلائل، كل هذه الأسباب جعلت شهادةَ الكاتبة في كتابها موضعِ العرضِ من الأهمية بمكان، حيث لم يغْشَ عينَيِ الكاتبةِ وهجُ تلك الانتصارات الزائفة، وركَّزت في كتابها على ما رأتْه عيانًا من أهم مظاهر الخلل في الدولة الصِّهيونية خلال تلك الفترة، وحجم المشاكل التي تُعانيها في موقعها المنعزل وسط العرب، إلى جانب معاصرتها لأزمة اللاجئين الفلسطينيين، الذين ازدادت أوضاعُهم مأساويَّةً بعد فَقْدهم ما تبقَّى من دُورهم وأراضيهم وأراضي أجدادهم في النَّكسة الجديدة، تقول الكاتبة بشأن زيارتها في تقدمةِ شهادتها: "وزيارة إسرائيل طوال شهر، يزيد عن اللازم كما يقلُّ عنهفي آنٍ واحد.. فهي تزيد عن اللازم؛ لأننا بصدد بلد صغير، وهيأقصر من اللازم؛ لأننا حيال مشكلة ضخمة، فقد شهِدتإسرائيلُ ثلاثَ حروب في مدى عشرين عامًا (1948، 1956، 1973)، كما نشأت حالة مسمومة في الشرق الأوسط، ومأساة هائلة يعيشها اللاجئون، واحتلال عسكري لجزء من الأراضي المصرية والسورية والأردنية، ولكن هناك أعمال الاضطهاد الموجَّهة ضد اليهود والمذابح النازية التي لا تزال ماثلةً في الأذهان، فمجرد الكلام عن إسرائيل يثير خليطًا من المشاعر، وردود الأفعال العاطفية القادرة على بلبلة العقلياتِ الصافية ظاهريًّا؛ حتى إنها تميل نحو ما يخالف الفكرَ السليم، وبالتالي نحو الظلم"؛ صـ 4.

رابط التحميل



شاركها في جوجل+

عن غير معرف

0 التعليقات:

إرسال تعليق