حول الكتاب
هذا الكتاب هو أحد أهم المؤلفات التي صدرت عن مركز دراسات الوحدة العربية للدكتور أبي يعرب المرزوقي الناقد والمفكر التونسي. وتأتي أطروحته هذه تتويجاً للعديد من الدراسات الجادة التي نشرت له منذ بداية العقد الماضي، ومن أبرزها مفهوم السببية عند الغزالي والاجتماع النظري الخلدوني والابستيمولوجيا البديلة والرياضيات القديمة ونظرية العلم الفلسفية. فكتابه الأخير يأتي استثماراً لحصيلة تجربته المعرفية، واستخلاصاً لنتائج سنين طويلة من البحث الفلسفي الجاد.
يتناول هذا النص موضوعاً كان يجب أن ينطلق القول فيه منذ فجر النهضة العربية والإسلامية الحديثة، إذ أن نقد التراث الثقافي في مضامينه واتجاهاته وآلياته جزء أساسي وفعل أولي في كل مشروع للنهضة، ولكن هذا المشروع –وكما تبدو خطواته متعثرة- جرت فيه الأمور على غير هذا المجرى، بحسب رأي المفكر المغربي محمد عابد الجابري الذي يعتقد أنه "لا يمكن بناء نهضة بعقل غير ناهض، عقل لم يقم بمراجعة شاملة لآلياته ومفاهيمه وتصوراته ورؤاه"، وهو النقد الذي يفسح المجال للحياة لكي تستأنف فينا دورتها، وتعيد فينا زرعها، وهذا الرأي ليس جديداً بل هو استعادة لمشروع نقد العقل الغربي الذي دشّنه الفيلسوف الألماني إمانويل كانط في القرن الثامن عشر، ولذلك بقي الجابري سجين ثنائيات العقل المحض والعقل العملي، واستحقاقات المشروع "الكانطي" قيمياً ومعرفياً. وقد أشار إلى ذلك المرزوقي بقوله: "ذلك هو جوهر النكوص الفكري إلى البدائل الفلسفية الممكنة من منظار أفلاطوني محدث مطعم بالفلسفة الجرمانية المعاصرة".
ومع ذلك فقد مثلت إسهامات العديد من الباحثين من أمثال هشام جعيط وعبد الله العروي ومحمد عابد الجابري نفسه ومحمد عمارة وعبد الحميد أبو سليمان تدخلاً جريئاً حرّك الأفكار الراكدة، وأسال الحبر الجامد، وفتح الأفق المغلق أمام الممارسة الثقافية الإسلامية، ومثل فعلاً تأسيسياً على هامشه دُوِّنت كتب وألفت أطروحات أعادت للتراث نضارته واستعادت العقل المهاجر (للحفر) في أصوله المرجعية بحثاً عن شروط الأهلية لاستئناف البناء الحضاري المتعثر. وفي هذا الإطار وضمنه تتنـزل دراسة أبي يعرب المرزوقي إصلاح العقل في الفلسفة العربية.
رابط التحميل
0 التعليقات:
إرسال تعليق