التفكير الجانبي : كسر للقيود المنطقية - إدوارد ديبونو


حول الكتاب

عرف أن التفكير المنطقي هو الشكل الأمثل لإعمال العقل منذ عصر «أرسطو» وإلى يومنا هذا، ولكن هناك نوعاً آخر من التفكير لا يعرفه إلا قلة من الناس وهو نمط من التفكير أكثر إبداعية في استخدام العقل، اصطلح له الباحث ومؤلف هذا الكتاب «إدوارد ديبونو» مصطلح (التفكير الجانبي) مقارنة مع (التفكير العمودي) الذي هو التفكير المنطقي التقليدي. والحقيقة أنهما نمطان متكاملان، إذ نلجأ للتفكير الجانبي عندما يعجز التفكير العمودي عن إيجاد حلٍّ لمسألة تحتاج إلى فكرة جديدة، فالعمودي هو تفكير الاحتمالية العليا التي لا نستطيع ممارسة حياتنا اليومية بدونها لأننا سنضطر لتحليل كل تصرُّف أو حدث، أي لا نُسلِّم جدلاً بأي شيء مهما يكن، وبهذا نُضيِّع الكثير من طاقتنا في التحليل المنطقي.

ويمكن تشبيه ذلك بمياه نهر تنحدر للأسفل سالكة طريقها في سرير النهر كفعل (التفكير العمودي) عندما يأخذ أفضل الطرق الممكنة موسعاً مجراه وجاعلاً إيَّاه الطريق الأعلى احتمالية يوماً بعد آخر، في حين (التفكير الجانبي) يحمل احتمالية أدنى ويحاول أن يُنسِّق قنوات جديدة لتغيير مجرى المياه ويضع السدود في طرق القنوات القديمة على أمل إيجاد مسارات أسهل للماء وأحياناً يسحب الماء للأعلى بطريقة غير عادية. قد يبدو التفكير الجانبي على شيءٍ من العشوائية، وأنه أقرب للجنون لابتعاده عن قواعد العقل أو التفكير العمودي؛ لكن عملية التفكير هذه على الرغم من اختيارها طريقة هيولية فإنَّ استخدامها (لها) يأتي بطريقة موجهة وتحت السيطرة الكاملة، حيث تبقى قوى العقل تتأمل بإمعانٍ لتحكم على الأفكار الجديدة وتختارها، وهذه الأفكار قد تظهر من خلال تجميع معلومات جديدة، أو من خلال الملاحظة والتجربة، أو إعادة تقييم الأفكار القديمة والتأمل فيها وربطها ربطاً جديداً، وغالباً هناك صعوبة كبيرة في التوصّل للأفكار الجديدة لأنها تعتمد على الصدفة، لكن الفكرة الجديدة لا تظهر إلا باجتماع عناصرها على شكل معيّن، وفي وقت واحد، وعقل شخص واحد. وهذه الفكرة الجديدة ليست امتيازاً لأولئك الذين يبذلون الجهد المتواصل، فقد قضى "تشارلز داروين" أكثر من عشرين عاماً من عمره يعمل في نظرية الارتقاء على مبدأ البقاء للأفضل، في حين أتى "والانس" فأنجز النظرية خلال أسبوع واحد، وهذا يشير إلى أن التطوير الكامل لفكرة ما، يحتاج ربما لسنوات طويلة من العمل، لكن الفكرة بحدِّ ذاتها قد تخطر في البال بلحظة تبصُّر واحدة.
التوصيف الشائك
إنَّ الكتابة عن التفكير الجانبي ـ كما يُقرُّ المؤلف «ديبونو» في الفصل الثامن من الكتاب، وقد قسمه إلى عشرة فصول ـ وكذلك القراءة شيئان شائكان، إذْ يأخذ وصف عملية التفكير الجانبي منحيين: 1- استخدام عبارات مجردة تضفي عليه الغموض فتجعله انطباعاً وبذلك تُفقده الحيوية والفعالية التي تعتبر جزءاً من جانبه العملي. 2- يتجَّه نحو الوضوح الذي يجعله اجتراراً.
إن هذا الوصف لا يسهل من أمر استخدامه، لذا فالتطبيق العملي للتفكير الجانبي أهم من جانبه الفلسفي. ويمكننا تلخيص التفكير الجانبي في أربعة مبادئ مرنة: 1- تمييز الأفكار السائدة المُستقطَبة. 2- البحث عن رؤية جديدة للأشياء. 3- التخلُّص من السيطرة المتزمِّتة للتفكير العمودي. 4- الاستفادة من الصدفة من خلال خلق المناخ المناسب لحصولها.
ولا بد من الاعتراف أن الأفكار السائدة تلعب دوراً كبيراً في السلوك البشري من خلال أثرها التنظيمي القوي على طريقة التفكير، وللتخلٌّص منها لا بد من اعتماد إحدى طرق التفكير الجانبي، وهي تحديد الفكرة المسيطرة بدقّة ليسهل علينا تمييزها، وبالتالي نتحاشى تأثيرها المركزي. لكن قلَّما نشعر بالحاجة للتفكير الجانبي في غياب الحالات الإشكالية فبما أنَّ العقل يميل إلى الانطلاق في نقده من النقطة الأكثر احتمالية يصبح البحث عن أفكار بديلة أمراً غير عادي، ولا بدَّ من التغلُّب على هذه العادة العقلية بشكل مقصود، ويكون ذلك مثلاً عبر تغيير وجهة التركيز من جانب لآخر في المسألة الواحدة، أو قلب علاقات مسألة ما رأساً على عقب، فبدلاً من أن نعتبر الجدران داعمة للسقف نراها مدلاَّة منه.
إن التفكير العامودي يسلك سبيلاً واحداً للوصول للنتيجة النهائية ويُقدِّم حلولاً مباشرة، لكنها ليست مثالية، في حين أن التفكير الجانبي في عدم التزامه اتجاهاً محدداً، يجعله ذلك قادراً على الابتعاد عن المسألة كي يحلُّها. إنه يختار طريقة خارجة عن الأصول المنطقية التقليدية، طريقة أقرب للابتكار في رؤية جوانب بسيطة من الحياة رؤية جديدة كثيراً ما ساهمت في دفع البشرية أشواطاً واسعة إلى الأمام، حيث إن أغلب متَّبعي هذا النمط من التفكير، هم المخترعون والفنانون، كذلك الصحفيون والإعلانيون، في حين يُعتبر المحامون والأطباء ورجال الأعمال والسياسيون عموديو التفكير لأنهم يفضِّلون أن تكون الأشياء حدِّية، مُعرَّفة وتقليدية، كي يستطيعون ممارسة خبراتهم على أكمل وجه.

رابط التحميل

شاركها في جوجل+

عن غير معرف

0 التعليقات:

إرسال تعليق