حول الكتاب
تناقش الفلسفة الكثير من القضايا التي تتعلق بالوجود والجمال والمعرفة والأخلاق والسياسة. وهذه القضايا تولّد جدلا واسعا بين المذاهب الفلسفية المختلفة. وبينما يتصدى مذهب فلسفي ما للإجابة على التساؤلات الإنسانية، تثير تلك الإجابة أسئلة كثيرة لدى المذاهب الأخرى. ويستمر الجدل دون الوصول الى إجابة حاسمة، بل الى أسئلة أكثر وأشد تعقيدا. وهذا هو دور الفلسفة إثارة وطرح الأسئلة التي تفتح مجالات واسعة للتفكير وتسلط الضوء على نقاط تم إغفالها سابقا.
وعلى الرغم من أن الفلسفة اختصاص واسع ومعقد، إلا أن كلّاً منا يفكر ببعض القضايا الفلسفية من وقت لآخر. فمن منا لم يتساءل عن مدى قدرته على صنع اختياراته واتخاذ قراراته وتوجيه مسيرة حياته؟ وهل يمتلك فعلا إرادة حرة؟ من منا لم يفكر بعلاقة الجسد والفكر والروح؟ من منا لم يفكر بالنتائج التي توصل اليها العلم، ومدى انسجامها مع معتقداته الدينية؟ من منا لم يفكر بكيفية تنظيم العلاقة بين الدولة والمواطن، وكيفية الحفاظ على الحريات في ظل الحكومات المختلفة؟ كثيرة هي الأسئلة التي تراودنا وتقلقنا أحيانا، ونسعى لإيجاد إجابات حاسمة عليها. وهي بالطبع أسئلة جديرة بالاهتمام، وقد شغلت الإنسانية على مدى تاريخها الطويل، وليس من السهل إيجاد إجابات حاسمة ونهائية عليها.
وهذا الكتاب موجه لأولئك الذين تشغلهم هذه القضايا، وتستأثر بهم تلك الأسئلة. ولا تتطلب قراءته أي خلفية فلسفية، فهو يهدف الى عرض القضايا التي تحظى باهتمام الناس العاديين وغير الاختصاصيين مثل:
• حين نشعر أننا نمتلك خياراً حراً، هل نتصرف بحرية فعلا؟
• كيف نعرف أن ما نعرفه هو معرفة حقيقية وليس زيفا أو كذبا؟
• هل يمكن أن يوجد العقل خارج الجسد؟ كيف يمكن أن يكون الجسد ماديا والعقل غير مادي؟
• كيف يتقدم العلم بهذه الصورة المذهلة إذا لم يكن يرتكز على حقائق؟
• وهل تعتبر العقيدة الدينية غير عقلانية في عصر العلم هذا؟ وهل هناك حاجة للإيمان حقا؟
• ما دور الأخلاق في حياتنا؟ هل هي مجرد شعور ذاتي أو انفعالي؟ هل تمتلك خصوصية معينة وفقا لثقافة الفرد والجماعة، أم إنها تمتلك سمة العالمية؟ هل يمكن أن يوجد دستور أخلاقي قابل للتطبيق في كل زمان ومكان؟
• كيف تحدد الحرية الفردية الحقوق والواجبات؟ وهل هدف الدولة صيانة الحرية الفردية أم الرفاه الاجتماعي؟ وهل يسبق الحق الخير أم العكس؟
• كيف يؤثر الفن فينا، ولماذا يؤثر؟ لمَ نثمن ونقدّر الفن ونضعه في مكانة رفيعة؟ وعلى أي أساس يمكن تقييم العمل الفني؟
هذه هي الأسئلة التي تناقشها الفصول الثمانية في الكتاب. ولا يعرض هذا الكتاب تاريخ الفلسفة، مع أنه يتوقف عند آراء بعض الفلاسفة العظام من وقت لآخر. كما إنه لا يناقش المذاهب الفلسفية، مع أنه يستلهم بعض جدله من بعض العقائد الفلسفية التي شكلت انعطافات مهمة في تاريخ الفلسفة. وما يركز عليه الكتاب فعلا هو كيفية التفكير بشكل فلسفي، وبطريقة نقدية وتحليلية. وأعتقد أن التفكير النقدي والتحليل المنطقي هو أكثر ما نحتاجه في مجتمعاتنا، ولابد من وجود سعي حثيث وبذل جهد كبير لتكريس طريقة التفكير هذه في مدارسنا وجامعاتنا بدلا من طريقة التلقين والتجميع للمعلومات التي لا تجد طريقا للدخول إلا الذاكرة، والتي سرعان ما تجد طريقا آخر للخروج من الذاكرة. لذلك يمكن تبني هذا الكتاب في المدارس الثانوية وفي السنوات الجامعية الأولى رغم أنه موجه للقارئ العادي غير الاختصاصي. وأخيرا نأمل أن يكون هذا الكتاب بنسخته العربية حافزا لظهور مطبوعات أخرى تنحو هذا المنحى باتجاه تشجيع التفكير النقدي والتحليل المنطقي، وأن تكون هذه النسخة العربية قد قاربت النسخة الأصلية باللغة الانجليزية الصادرة عن جامعة كامبردج.
رابط التحميل
0 التعليقات:
إرسال تعليق