حول الكتاب
"الإسلام بين الشرق والغرب" ليس كتابًا بسيطًا يمكن للقارئ أن يتناوله مسترخيًا، أو يقتحمه فى أى موضع فيقرأ صفحة هنا وصفحة هناك ثم يظن أنه قادر على تقييمه أو تصنيفه بين الأنماط الفكرية المختلفة.
إنما على القارئ الجاد أن يحتشد له ويتهيأ للدخول فى عالم ثرى بأفكاره متميز بمنهجه أخّاذ بأسلوبه وقوة منطقه وثقافة صاحبه العميقة الواسعة.
فمؤلف الكتاب "علىّ عزت بيجوفيتش" متمكن من الثقافتين الإسلامية والغربية معًا، فهو مسلم حتى النخاع، وأوروبى بالمولد والنشأة والتعليم، استطاع فى الكتاب بقدرته التحليلية أن يطالع القارئ على حقائق عن الإسلام ومؤسساته وتعاليمه التى لم تستلفت انتباه أحد من ذى قبل، ويتسق منهجه التحليلى فى تقصى الحقائق مع هدفه الذى عبر عنه بقوله "لكى نفهم العالم فهمًا صحيحًا لا بد أن نعرف المصادر الحقيقية للأفكار التى تحكم هذا العالم وأن نعرف معانيها".
وللمؤلف أفكار ومفاهيم جديدة ويستخدم مصطلحات مألوفة فى معان جديدة غير مألوفة، فهو مثلاً عندما يتحدث عن "الدين" لا يشمل بهذا المصطلح الإسلام، وإنما يقصره على مفهومه عند الغربيين سواء من الذين اتبعوه أو الذين هدموه، فهو تعبير عن علاقة شخصية تأميلية بين الإنسان وبين ربّه ولا شأن له بالدنيا أو بأمور الحياة، وعندما يتحدث عن الإسلام، فإنه يتحدث عنه فى إطار الفكرة الجديدة التى ابتدعها وهى فكرة "الوحدة ثنائية القطب" التى تضم فى مركب جديد القضيتين المتصادمتين المنفصلتين فى العقل الغربى، أولاهما "الروح والمادة، السماوى والأرضى، الإنسانى والحيوانى، الدين والدنيا، هذه الثنائية الكامنة فى طبيعة الإسلام هى التى مكنته من أن يجمع بين المتناقضتين فى كيان واحد.
ويؤكد "بيجو فيتش" بتحليلاته الوثيقة أن الفشل الذى أصاب الإيديولوجيات الكبرى فى العالم، إنما يرجع إلى نظرتها إلى الإنسان والحياة نظرة "أحادية الجانب" شطرت العالم شطرين متصادمين بين مادية ملحدة وكاثوليكية معرفة فى الأسرار، ينكر كل واحد منهما الآخر ويدينه بلا أمل فى لقاء.
رابط التحميل
0 التعليقات:
إرسال تعليق