الكثير من التفاصيل الحياتية اليومية، قد تشكل حالة من التوتر والضغط النفسي، على الفرد وخاصة في هذا المعترك الذي نعيشه حالياً، حيث تغزو أرواحنا مشاهد العنف والدمار في كل مكان، إلا أن الأمر قد وصل بنا للشعور بحالة تشبه في وصفها إلى حد ما “الجنون” الذي يمارس بشتى الوسائل والأساليب..
فأين ما التفتَّ ستشعر بشيء من الهستيريا البشرية المسعورة، أضف ضغط العمل وبعض الضغوط المنزلية، فتشعر بأنك في جو مشحون دائماً، مما يسبب لك إرهاقاً نفسياً شديداً، ولكي تستطيع الاستمرار والبقاء عليك أن تبذل مجهوداً مضاعفاً في ايجاد الحلول التي تساعدك على الخروج من الأزمات النفسية التي قد تصيبك بين الحين والآخر جراء ما قد تتعرض له على الصعيد الشخصي أو حتى الصعيد العام..
وخاصة عندما ندرك بأن أي إنسان كبيراً كان أو صغيراً لايحتاج سوى أن يشعر بالأمان كجزء طبيعي من التكوين النفسي للإنسان، فالدماغ في حالة الخوف أو فقدان الشعور بالأمان وعندما يزداد هرمون الأدرينالين كرد فعل طبيعي على حالة الخوف، يقوم الدماغ بالتالي بإصدار أوامره إما للدفاع عن النفس أو الهروب من مواجهة الحدث إلى منطقة يشعر بها بثقة أكبر بكل ما هو حوله.
بالتالي يستطيع الإنسان أن يبني منظومته النفسية الخاصة والتي تتكيف مع المحيط وتأثيراته سواءً الإيجابية أو السلبية، الأمر ليس بهذه السوداوية طبعاً ولا هو وصفة نفسية للتخلص من الضغوط، لكن هي عبارة عن محاولة لتجاوز الآثار السلبية التي تتركها تفاصيل حياتنا على نفسيتنا.
دعونا ننفذ هروباً أسميه “هروباً تكتيكياً” باتجاه عوالم مختلفة من أرواحنا، دعونا نفتش عن أنفسنا في داخلنا كي نتجاوز مراحل لا نريد أن تبقى في شريط الذكريات لدينا، هي خطوات بسيطة مرتبطة بنظرتنا للأمور إذ لابد لنا أن ندرك قدرتنا على إطفاء مسحة من الأمل على يومياتنا وممارساتنا، أي أن تكون نظرة يشوبها شيء من الطفولة الجميلة، قد يبدو الأمر غريباً لكن هذه الخطوات الصغيرة القادمة تشرح كيف يكون الأمر.
مشاهدة الأفلام
لا أقصد بها مشاهدة الأفلام السينمائية، التي تخص الكبار أبداً والتي تعرض مختلف القصص والروايات المرتبطة بالحرب والسلم والحب أو تلك التي تتحدث عن الذكاء الاصطناعي وغيرها من الأفكار التي لها من وقتك حصة..
ولكن أقصد أن تشاهد بعض الأفلام التي تخص الأطفال، أي تلك التي تعرف باسم “أفلام الكرتون”، ما سوف يحرض في داخلك ذلك الطفل الصغير الكامن فيك، حيث يطغى عليك شعور من المتعة بدون التفكير بأشياء تلقي بثقلها على حياتك، لابأس بأن تشاهد “توم وجيري” مثلاً وأنت تبتسم وتغرق بالمتعة الطفولية التي تشعرك بصفاء ذهني يساعدك على الانطلاق مجدداً.
قراءة القصص
هل فكرت يوماً بأن تمارس بعض الطقوس الطفولية التي كنت تقوم بها في طفولتك، كقراءة قصة من قصص الأطفال؟ الفكرة غريبة بعض الشيء، وخاصة بعد ما قرأت قصصاً وروايات مليئة بأحداث كثيرة ولكتاب كُثر مثل “دان براون، جورج أورويل، نجيب محفوظ ، حنا مينا” وغيرهم، ولكن هل جربت المتعة مجدداً بقراءة قصة طفولية بسيطة، إذا شعرت بأنك غير قادر على فعل ذلك بمفردك ما عليك إلا القيام بفعل القراءة لطفلك الصغير وسيمنحك الطقس المرافق للقراءة لطفلك الكثير من المتعة والبهجة.
الاستماع للموسيقى والأغاني
وهنا أيضاً لا ادعوك للاستماع إلى الموسيقى الكلاسيكية أو الطربية التي اعتدت الاستماع لها على العكس تماماً، بل لابد من أن تقوم بسماع أغنية خاصة للأطفال، ولا ضير في اختيار أحدى الأغاني التي كنت تُحبها في طفولتك، شخصياً ما زلت أهوى أغاني الأطفال واستمتع بها، لأنها تبعدني عن الصخب والضجيج، حقيقة تمنحك الطفولة شعوراً بالراحة والنقاء. كما يمكن لك أن تشارك الأطفال العزف أو مشاركتهم من خلال استماعك لهم.
اللعب والمرح
معظمنا يحتفظ في ذاكرته ببعض الألعاب التي كان يمارسها في مرحلة الطفولة، هو وبعض أصدقاء تلك المرحلة سواءً في المدرسة أو الحي، لكن هل يمكن القيام بذلك الآن؟ أقول طبعاً يمكن أن تلعب وتمرح وخاصة إذا كنت أباً، فنصف ساعة من اللعب والمرح مع طفلك كل يوم هي لاشك شيء رائع، يذيب عنك جليد الضغط النفسي وضغط العمل..
ومن الكم الهائل التي تتعرض له أرواحنا مما علق بها من شوائب نفسية، إن هذه التجربة تشبه عملية إزالة الشوائب العالقة بشيء ما، فلا بأس من ممارسة فعل طفولي أحياناً يزيل عنك القلق والتوتر ويقوم بتجديد النشاط، أضف إلى ذلك الشعور الذي تمنحه لطفلك عند قيامك بفعل اللعب معه.
الإجازة العائلية
وفيها تسترجع ذكريات الطفولة عندما كنت تخرج مع العائلة في إجازة وتمضي معهم أوقاتاً طيبة، قد تكون الإجازة العائلية التي ستقوم بها خيار جيد تجمع فيها الخطوات سابقة الذكر من مشاهدة الأفلام إلى القراءة إلى اللعب والمرح، أضف إلى ذلك إمكانية قيامك بممارسة بعض الهوايات كالسباحة أو التمتع بطبيعة المكان، أو إمضاء بعض الوقت في تحضير الطعام مع العائلة، هي خطوات بسيطة تخرجك من حالة التوتر.
صحيح أن هذه الأمور قد تبدو للوهلة الأولى غريبة للبعض، ولكن ستشعر بعد ممارستها لوقت قصير بالنشاط والحيوية، وبأنك أكثر قدرة على الإنتاج والعمل، فالهدف الأساسي منها هو كسر حاجز الروتين والتجديد، وتجاوز مرحلة الضغط النفسي لاأكثر، فالعملية لاتتطلب منا سوى أن نبحث من وقت لآخر عن الطفل الكامن فينا، ليعيد صياغة أرواحنا وبالتالي تهدأ الأفكار التي تتصارع في رؤوسنا، كما أتمنى أن تساعدونا في اكتشاف طرق أخرى للتخلص من التوتر أو المزاج السيء الذي قد نمر به مستقبلاً.
0 التعليقات:
إرسال تعليق