مسجد في ميونيخ: النازيون .. وكالة الاستخبارات المركزية وبزوغ نجم الإخوان المسلمين في الغرب - إين جونسون


حول الكتاب

موضوع الكتاب الأساسي هوكيفية زرع الجماعات الإسلامية الراديكالية لجذورها المتطرفة في التربة الغربية والذي بدأ كتساؤل من الكاتب بعد أحداث 11 سبتمبر،أرجع جونسون تاريخ علاقة الإسلاميين بالغرب إلى الحرب العالمية الثانية، حيث انشقت مجموعة من مسلمي الاتحاد السوفيتي إلى جانب الألمان والذين رفضوا العودة إلى ديارهم بعد انتهاء الحرب وعقد اتفاقية يالطا لأن إعدامهم بتهمة الخيانة كان أمرا محتومًا، فاستقروا في ألمانيا الغربية ،وأظهر الكتاب التنافس بين نشطاء ألمانيا الغربية مع مثيليهم من الاستخبارات المركزية الأمريكية للسيطرة على هذه الجماعات كل لخدمة أهدافه ،فألمانيا كانت ترى حتمية سقوط الاتحاد السوفيتي يوما ماومن ثم أرادت ضمان ولاء اللاجئين لاحتمال عودتهم لتولى مناصب حساسة في ديارهم ، أما الولايات المتحدة الأمريكية فكانت تهدف إلى استخدامهم كآلة دعاية لمكافحة الشيوعية ،من هنا بدأت أمريكا الحرب النفسية بإنشاء عدة منظمات مواجهة في ألمانيا الغربية وكانت حريصة على أن تبدومنظمات خيرية غير حكومية كمنظمات دعم اللاجئين ومؤسسة تولوستوي التي تعمل كجماعة ثقافية للمثقفين الروس وغيرهما ،وكانت أهمهم منظمة Amcomlib اللجنة الأمريكية للتحرر والتي كانت تمول مباشرة بواسطة الاستخبارات المركزية الأمريكية ، والتي قامت بانشاء راديوليبرتي واستهدفت اللاجئين من مسلمي الاتحاد السوفيتي للعمل بها وشغل معظم الوظائف بهدف أوحد هوتكسير وحدة الاتحاد السوفيتي ومهاجمة الشيوعية ، وقد قامت بدعم بعض المتطوعين السابقين في الجيش الألماني لتأسيس عدد من الجمعيات الإسلامية في الخمسينيات ،أما علاقة الغرب بالإسلاميين العرب فبدأت مع الزيارات المتكررة لمفتي القدس الحاج أمين الحسيني للوحدات المسلمة في الجيش النازي ثم بانتقال القيادي الإخواني سعيد رمضان إلى ميونخ عام 1958 بعد لقائه بأيزنهاور عام 1953 ، وينتقل الكاتب لمعركة بناء المسجد وتمويله ونجاح الإخوان المسلمين في السيطرة عليه بشكل كامل لعقود مما أدى إلى طفرة في تنظيم جماعات إسلامية في جميع أنحاء أوروبا .ثم يتناول الكاتب علاقة القيادات الإخوانية المعروفة مثل غالب همت ويوسف ندا بالاستخبارات الأمريكية حتى أحداث 11/9 حيث تم تجميد أرصدتهم كنوع من «الفعل للفعل» أملا في تهدئة الرأي العام . كما ألقى الكاتب الضوء على علاقة جماعة الإخوان المسلمين بعدد من القيادات العربية .

من القصص اللافتة التي ذكرها الكاتب أن اثنين من مسلمي الاتحاد السوفيتي الذين تم أسرهم على يد الألمان وتعاونوا مع النازي وأخيرا أصبحوا عملاء للاستخبارات المركزية الأمريكية ، قامت الوكالة بإرسالهما إلى الحج عام 1954 مستهدفين الحجاج السوفيت لنشر الدعاية من خلالهم وإعادة نظرتهم إلى وطنهم الأم ، وحين وصلا للكعبة اتهما الحجاج السوفيت بأنهم غير مسلمين لأنهم يعملون في بلاد الإلحاد وحدثت مشادة بينهم عند الحجر الأسود ، فقامت الصحف الغربية بتصوير الحادث على أنه انتفاضة عفوية نتيجة اشمئزاز المسلمين من الاتحاد السوفيتي ،وكان العنوان الذي تصدر صحيفة نيويورك تايمز ومجلة التايم «اثنان من اللاجئين المسلمين يدسان اصبعهما في عين جالوت السوفييتي» .

مشهد يفسر لنا الكثير مما يحدث اليوم من مشاهد مصطنعة مفبركة وسياسة لم تتغير منذ عشرات السنين في التعبئة والحشد عن طريق الدعاية الموجهة .

ما تناوله الكاتب عن علاقة جماعة الإخوان المسلمين بالاستخبارات المركزية الأمريكية بعد 11/9 كان ضبابيا وغير مرض للقارئ ربما يرجع السبب إلى ما ذكره الكاتب عن تجنب الولايات المتحدة الإفراج عن سرية وثائقها ذات العلاقة بتعاون وكالاتها الاستخباراتية بالحركات الإسلامية والإخوان المسلمين تحديدا على عكس ما فعلت مع تعاونها مع نازيي ألمانيا ، وقد وضح الكاتب بعض أساليب الحرب النفسية التي تستخدمها وكالات الاستخبارات الغربية والأمريكية بشكل محدد عن طريق الدعاية بدءا من إنشاء وكالات أنباء وتمويل منظمات غير حكومية والتخفي خلف منظمات خيرية وأكاديمية وافتعال مواقف لتوجيه الرأي العام .

تشكيك الكاتب في الاتهامات التي وُجهت للإخوان المسلمين خلال فترة حكم جمال عبد الناصر يؤكد ضعف دراية الكاتب بهذه الحقبة رغم رفع السرية عن الوثائق التي تخصها إلى جانب اعترافات بعض أعضاء الجماعة في مذكراتهم بشكل يتوافق مع ما تم الافراج عنه من وثائق ، الكتاب معروض بشكل روائي جذاب أسهب فيه الكاتب في الوصف ، اللافت في الكتاب هوإلقاء الضوء على جزء إنساني في حياة اللاعبين الأساسيين في العمل مما يدفع القارئ إلى محاولة استيعاب المحركات والدوافع الشخصية والظروف المختلفة التي تدفع الانسان إلى تبني أيديولوجية معينة والتحول عنها في بعض المواقف واعتناق ما يناهضها أحيانا والتمسك بها حتى الموت أحيانا أخرى ، وهي أهم المعطيات التي يدركها متخصصوالحروب النفسية والأوتار الحساسة التي يعزفون عليها نغمات مكتوبة حتى خروج السينفونية الكاملة .

يعتبر الكتاب مرجعا مهما لتاريخ العلاقة بين الاستخبارات الغربية والحركات الإسلامية في الغرب وتفرعاتها النتظيمية ،كما يشكل مرجعا غاية في الأهمية لعلاقة الحركات الإسلامية بألمانيا النازية، وبدء توغل هذا الحركات في أوروبا ،وكذلك النشاطات الاقتصادية لعدد من قادة هذه الحركات وعلاقاتهم مع بعض الحكام العرب .

شاركها في جوجل+

عن غير معرف

0 التعليقات:

إرسال تعليق