حول الكتاب
من أين بدأ؟ كان هذا هو السؤال الذي يُلح عليّ وأنا أشاهد كل يوم تقريبا ضحايا تسقط بيد الإرهاب الأسود، وأبرياء تحصدهم قنابل وأسلحة فئة ضالة، مُسحت عقولهم وانطلقوا كالشياطين، يعيثون في مصر فسادا! لم يكن يكفي في نظري أن تتحرك الشرطة بفدائية وحماس، وأن تلقي القبض على أفراد شبكة في حادث وقع وأن تقدمهم للمحاكمة، فينالوا جزاءهم العادل والرادع، ثم يخرج غيرهم ليرتكبوا جريمة أبشع، حتى إذا ما قبض عليهم، خرج آخرون، يسيرون في هذا الطريق الشيطاني، كأن قوة غامضة، لا تُريد للنار أن تنطفئ، فتقدم لها وقودا يعيدها إلى الاشتعال! تركز فكري كله في هذا "الوقود"، في عشرات الشباب الذين تدفع بهم أفعى الإرهاب إلى مسرح الجريمة، لتزهق الأرواح، وتشرب من الدماء! من أين يأتي هذا "الوقود"؟ كيف يعدونه ليجعلوه قابلا للاشتعال؟ كنت أريد أن ألمس الحقيقة كلها بيدي، وأن أذهب لوكر الأفعى، وأشاهد بنفسي عمليات التدبير والإعداد! وقررت أن أجعل نفسي "وقودا"، متاحا لهؤلاء الشياطين، حتى أعرف كيف يتم إعدادي للمهمة الشيطانية! وعندما قابلت رؤسائي وضعت أمامهم الفكرة، وعبّروا لي عن خوفهم على حياتي قائلين: "إنك تذهب للمجهول! وهؤلاء الناس لا يعرفون معنى الرحمة". لكنهم لمسوا إصراري على خوض التجربة الخطرة، فقالوا في إيجاز: "اذهب على بركة الله.. إننا بهذا نقدم خدمة كبيرة لمصر بلدنا"... وخرجت وأنا أعرف من أين أبدأ.
0 التعليقات:
إرسال تعليق