حول الكتاب
يقوم الكتاب على فكرة أن العولمة ليست وليدة الحضارة الحديثة فثمة سعي دائم وحثيث ومتواصل للوصول إلى العولمة، أقله في فترات متعددة يعني مثلا مرحلة توسع الحقبة الرومانية أو الإمبراطورية الرومانية كانت بشكل أو بآخر سعي للعولمة، توسع المسيحية فيما بعد توسع للعولمة، التوسع الإسلامي في مرحلة المد الإسلامي هو أيضا له شكل عولمي، أو له شكل عالمي، لذلك سينتهي الكتاب بتعبير آخر العالمية بدل العولمة. فربما هذه هي الفكرة الأساسية الأولى في هذا الكتاب الذي لا يتطرق إجمالا إلى العولمة في شكلها الأميركي إلا لماما، لأنه لا يهتم بها بل يهتم بما للعولمة الثقافية من مدى. من هذه الزاوية نجد ثمة فصول في هذا الكتاب للاستشراق، لانتشار الاستشراق، الاستشراق في بعده الأول وهو معرفة الشرق، الشرق ليس بالضرورة الإسلام بالدرجة الأولى وليس الإسلام تحديدا، بل الشرق اكتشاف الصين، الشرق اكتشاف اليابان، الشرق اكتشاف الهند، كما حدث في كل المراحل الاستعمارية المتعددة. يعني حتى، هذا الكاتب يحاول أن يبرهن لنا، حتى الإنجليز عندما احتلوا الهند كانوا مجبرين أو إلى حد ما منقادين إلى تأسيس جامعات وإلى تأسيس مدارس لتعليم الإنجليزية أو ما شابه. حتى التبشير الذي انطلق في الصين منذ عدة قرون كان مضطرا إلى إقامة مدارس لتعلم اللغة الصينية، لتعليم اللغة الإنجليزية، وبالتالي لا يمكن أن تكتسب الناس دون أن تقيم معهم رابطا ثقافيا، يعني تأخذ منهم وتعطيهم، وبالتالي فالعولمة الثقافية كانت موجودة باستمرار. نجده مثلا ينتقد إدوارد سعيد الذي يعتبره مغاليا إلى حد ما في أن الغرب لم ينظر إلى الشرق إلا من منطق الاستعباد أو المعرفة من أجل الاستعباد.
"يخالجنا أحيانا الانطباع بأن إدوارد سعيد يبذل جهدا ضائعا إذ هو يستنتج من وقائع صحيحة نتائج خاطئة أو مبالغا بها، من ذلك ما يؤكد عليه: "لا مجال لمقارنة حركة الغربيين نحو الشرق منذ نهاية القرن السابع عشر مع حركة الشرقيين نحو الغرب" الملاحظة هذه صحيحة كليا أو لننظر في ملاحظاته التالية: "قدر عدد الكتب التي تتطرق للشرق الأدنى المكتوبة ما بين عام 1800 و 1950 بحوالي الستين ألف كتاب. لا وجود لعدد تقديري لكتب شرقية تناولت الغرب". ما نستنتج من ذلك اللهم إلا القول بأن الغرب هو الذي ذهب لملاقاة الشرق ومن موقع قوة إذ تسلح بالمطبعة وبالمعارف الاستشراقية؟".
رابط التحميل
0 التعليقات:
إرسال تعليق