حدائق الملك: الجنرال أوفقير والحسن الثاني ونحن، شهادة ومذكرات - فاطمة أوفقير



 حول الكتاب

"أقسمنا، إذن، في ذات الوقت الذي نفي فيه محمد الخامس على الكفاح من أجل الاستقلال. ولم يشك أحد في المفوضية بأن اجتماعاً سرياً عقد في منزلنا الصغير لتنظيم تكتل متآلف ضد السلطة الفرنسية، وجب أن يتمّ كل شيء في الخفاء فنحن نجازف بحياتنا، ومن الضروري حماية أوفقير، فهو يقدم للوطنيين معلومات ثمينة عن كل ما يجري في قيادة الأركان الفرنسية. غير أنه، في سخطه أحياناً، يكاد يعرض نفسه للخطر في مجابهة لبعض الضباط الفرنسيين الذين يسيئون معاملة المغاربة. فهو مثلي لا يرضى الهوان ويشمئز ممن يسكت عنه، لكن يجب أن يكبت غضبه ويتحمل على مضض كثيراً من المضايقات حتى لا يستطيع أحد كشف عواطفه الحقيقة".

مذكرات بأسلوب روائي تغريك بملاحقة أحداثها إلى آخر حرف. فاطمة أوفقير التي اختزنت ذاكرتها تاريخاً للمغرب حافلاً بالأحداث السياسية تروي من موقعها كمشاهدة ومعاصرة وفاعلة في تلك الأحداث جميع الظروف التي مرّ بها المغرب ابان الاستعمار الفرنسي ومن ثم النضال من أجل التحرر الذي توّج بالاستقلال لتنتقل إلى الجزء الثاني من تاريخ المغرب المعاصر مع اعتلاء الحسن الثاني العرش ولتمر على شريط الذاكرة مشاهد من انعكاسات قضية بن بركة، ومشاهد لجرائم وخيانات تعرض لها المغرب في تلك الآونة الذي كان أوفقير كرجل وطني داعياً لها، فكان أن حاول إقصاء الحسن الثاني بخلق شروط ملائمة لتنصيب ولي العهد على العرش فيما بعد، وهو لم يرد مصادرة السلطة لنفسه كما كان يشاع، وهنا تكشف فاطمة أوفقير عن وجه الحقيقة في تلك الحادثة، وتكشف عن أسماء من كانوا وراء قتل زوجها الوطن المخلص عند ذهابه للاجتماع بالملك الحسن الثاني كان من بين هؤلاء الجنرال عبد الحفيظ العلوي مدير المراسم، ووزير القصر الملكي الذي حملت له في نفسها الحقد.

وبعد تلك الحادثة أضحت عائلة أوفقير رهينة الأحزان وحبيسة السجون، وفي ظل جو قاتم تسترسل فاطمة في تذكاراتها الموجعة من خلال وجودها في السجن مع أولادها وطريقة معاملتهم ومحاولة هروبهم.

وهكذا تمضي فاطمة أوفقير إلى نهاية المطاف في سلسلة معاناتها وهي عندما تعود إلى هذا الحاضر تفكر بأنها وأسرتها كانوا ضحايا آلة مجنونة بدأت سيرها ولم يعُد من الممكن السيطرة عليها. أراد سجّانوها قتلها وأولادها معنوياً، وكانوا الأقوى، فقد جربت خلال تسع عشرة سنة الاحتفاظ بمشاعر الإحساس المرهف والشهامة، وأرادت أن يفكر أولادها بأن يبقوا على قيد الحياة أباة قبل أن يفكروا بالحقد. وقد يكون هذا ما أبقاهم جميعاً ضمن المجتمع الإنساني.

شاركها في جوجل+

عن غير معرف

0 التعليقات:

إرسال تعليق