إذا كنتَ تتعلَّم لغةً أجنبية، ولا تقرأ بانتظام، توقف! عليك أن تقرأ بانتظام، ولكن كيف تقرأ بلغةٍ أخرى بفاعلية دون أن تُغرِقك الكلمات المجهولة والنحو المُعقَّد الذي لا يبدو منطقيًّا؟ ستتعلَّم الآن كيفية استغلال القراءة لتعلُّم كلمات جديدة بسرعة وزيادة طلاقتك في اللغة المُستهدَفة، حتى إذا كنتَ ما تزال في البداية، وحتى إذا كنتَ قد حاولت وفشلت من قبل. لنبدأ إذًا.
لماذا عليكَ أن تقرأ؟
سمعتَ على الأرجح من قبل أنَّ القراءة تُساعد على تعلُّم اللغة، ولكن لماذا؟ الفائدة الرئيسة للقراءة هي الاطِّلاع على لغةٍ طبيعية ذات جودةٍ حسنة، ولكن يمكنك القراءة بطُرُقٍ مختلفة. إذا كنتَ تقرأ كثيرًا (سواء للمتعة أو للمذاكرة)، يُعرَف ذلك بالقراءة الشاملة، فتقرأ كميات كبيرة وتهتم بالاستمتاع بالقصة أو التعلُّم من محتواها.
ربما يكون من الطبيعي أن تقرأ كثيرًا بلغتك الأم، ولكن هذا مختلف عن القراءة التي قد تقوم بها في كتاب تعليمي للغةٍ أجنبية. ففي الكتاب التعليمي تقرأ فقرات قصيرة من نصٍ، وتدرسها بالتفصيل بغرض فهم كل كلمة. وهذا ما يُعرَف بالقراءة المُكثَّفة، ومع القراءة المُكثَّفة لا يمكنك الانتهاء من الكثير من المواد لأنَّك تقرأ بعُمقٍ شديد.
لكلٍّ من المنهجين قيمة وكلاهما جزء هام من منهج متوازن لتعلُّم اللغة، ولكن القراءة الشاملة هي التي تفعل مفعول السحر، فبقراءتك للكثير من الكتب والمواقع الإلكترونية والمجلات أو الصحف بلُغةٍ أخرى، ستُراكِم بسرعة فهمًا طبيعيًّا لكيفية عمل اللغة لأنَّك تطلع على الكثير من المواد.
أترى كيف يختلف ذلك عمَّا تحصل عليه من كتابك التعليمي؟ ولكن لكي تستفيد استفادة كاملة من فوائد القراءة الشاملة، عليك أن تقرأ كثيرًا فعلًا! والكلام أسهل من الفعل بالطبع.
لماذا تجد القراءة صعبة؟
إنَّ القراءة مهارة مُعقَّدة، فنحن نستخدم مهارات صغيرة في لغاتنا الأم لتساعدنا على القراءة، على سبيل المثال؛ قد تتصفَّح فقرةً مُحدَّدة لكي تفهم الخُلاصة، أو تتصفَّح سريعًا جدولًا زمنيًّا طويلًا للقطارات باحثًا عن موعدٍ أو مكانٍ مُحدَّد، وإذا أقرضتُكَ رواية لآجاثا كريستي ربما تمر على الصفحات بسرعةٍ معقولة، وعلى الجانب الآخر إذا منحتك عقدًا لتوقيعه ستقرأ كل كلمة بتفصيل شديد.
أوضحت الدراسات أنَّنا نتخلَّى عن معظم هذه المهارات التي نُسلِّم بها في لغتنا الأم عند القراءة بلُغةٍ أجنبية. فبدلًا من استخدام مزيجٍ من المهارات الصغيرة لمساعدتنا على فهم نصٍّ صعب، نبدأ ببساطة منذ البداية ونحاول فهم كل كلمة. ونمر حتمًا بكلمات صعبة أو مجهولة وسرعان ما نُصاب بالإحباط من عدم فهمنا.
إذًا ماذا تفعل؟ بمجرَّد أن تعي هذا، يمكنك تبنِّي بضع إستراتيجيات بسيطة ستساعدك على تحويل الإحباط إلى فُرصةٍ، وعلى استخدام القراءة لزيادة مهاراتك اللغوية بسرعةٍ.
كيف تُصبِح قارئًا ذكيًّا؟
هذه هي عملية التفكير التي أنصحك باتِّباعها عند قراءة كُتُبٍ باللغة المُستهدَفة:
- إنَّ الاستمتاع والإحساس بالإنجاز هامان للغاية عند قراءة الكُتُب، لأنَّهما يجعلانك مُتشوِّقًا للمزيد.
- كلَّما قرأتَ أكثر، تعلَّمتَ أكثر.
- أفضل طريقة للاستمتاع بقراءة الكتب وللشعور بإحساس الإنجاز هي قراءة فصولٍ بأكملها منذ بدايتها حتى نهايتها.
- وبالتبعية، فإنَّ الوصول إلى نهاية الكتاب هي الأمر الأكثر أهمية، أكثر أهميةً من فهم كل كلمة فيه.
يُعيدنا هذا إلى النقطة الأهم على الإطلاق، عليكَ أن تقبل أنَّك لن تفهم كل ما تقرأ، وهذا طبيعي تمامًا وينبغي توقُّعه. لا يعني عدم معرفتك لكلمةٍ ما أو عدم فهمك لجملةٍ ما أنَّك غبي أو لست جيِّدًا بما يكفي. بل يعني ببساطة أنَّك منخرط في عملية تعلُّم اللغة مثل الجميع.
كيف تتعامل مع الكلمات التي لا تعرفها؟
إذا وجدتَ كلمةً مجهولة تُربكك فهناك خمس طُرُق للتغلُّب على هذه المشكلة:
- انظر إلى الكلمة وفكِّر فيما إذا كانت مألوفة بأي صورةٍ، فغالبًا ما تتقاطع بعض الكلمات من لغات مختلفة، خمِّن، فربما تُفاجئ نفسك.
- عُد واقرأ الجملة التي تُسبِّب لك مشكلةً عدَّة مرات، وحاول تخمين ما قد تعنيه الكلمة المجهولة باستخدام سياق الجملة وكل ما يحدث في القصة. يتطلَّب هذا ممارسةً ولكنَّه أسهل ممَّا تعتقد غالبًا.
- اكتب الكلمة في دفترٍ لكي يمكنك البحث عن معناها لاحقًا، ثم أكمِل القراءة.
- قد تجد أحيانًا فِعلًا تعرفه، مُصرَّفًا بطريقةٍ غير مألوفة، مثل الفعل التالي في اللغة الإسبانية:
hablar يتحدث
hablarán سيتحدَّثون
hablase (يتحدَّث (في الصيغة الاحتمالية والشرط
ربما لا تكون هيئة الفعل مألوفة لك، وربما لا تفهم سبب استخدامه في هذه الحالة، وربما يُصيبك ذلك بالإحباط، ولكن هل من الضروري تمامًا أن تعرف هذا الآن على الفور؟ هل يمكنك فهم خُلاصة ما يحدث؟ إذا استطعتَ التعرُّف على الفعل الرئيسي، يكون ذلك عادةً كافيًا. وبدلًا من الشعور بالإحباط، لاحظ ببساطة كيفية استخدام الفعل ثم استمر في القراءة.
- ستكون هناك أوقات ترغب فيها بشدةٍ في معرفة معنى كلمةٍ معينة، حسنًا، ولكن إذا توقَّفتَ للبحث عن كل كلمة لن تصل إلى أي شيء. ابحث فقط عن الكلمات التي يبدو أنَّها تظهر مرارًا وتكرارًا بدلًا من ذلك، فستكون هي مفتاحك لفهم ما تقرأ.
عملية التفكير ذات الست خطوات
1- اقرأ الفصل الأول بأكمله، غايتك هي الوصول إلى نهاية الفصل، لذا لا تتوقَّف للبحث عن الكلمات ولا تقلق إذا كانت هناك أمور لا تفهمها، حاول فقط متابعة ما يحدث.
2- عندما تصل إلى نهاية الفصل، حاول تلخيص ما قرأته؛ الشخصيات والأماكن والأفكار والأحداث… إلخ. يمكنك كتابة بضع ملاحظات باللغة المُستهدَفة، وربما تُدوِّن بعضًا من الأحداث أو الشخصيات الرئيسة.
3- عُد واقرأ نفس الفصل ثانيةً، يمكنك إذا أردتَ أن تقرأه بتفصيلٍ أكبر من قبل، ولكن إذا لم تُرِد يمكنك أن تقرأه مرة أخرى ببساطة. لا تقلق كذلك بشأن فهم كل شيء، فهذه عملية تدريجية قد تستغرق وقتًا.
4- في نهاية الفصل استمر في كتابة الملاحظات عمَّا قرأتَ، يمكن أن تكون الملاحظات أي شيء يخطر على بالك، وهي طريقة أخرى لمساعدتك على معالجة ما تقرأ.
5- في هذه المرحلة عليك أن تبدأ في فهم بعض الأحداث الرئيسة للفصل، يمكنك في هذه المرحلة إعادة قراءة الفصل، ولكن باستخدام قاموس هذه المرة للبحث عن الكلمات والعبارات المجهولة. تذكَّر فقط أن تتجنَّب الحاجة إلى فهم كل شيء. استخدم المهارات المذكورة سابقًا للتعامل مع الكلمات التي لا تعرفها وركِّز فقط على الكلمات التي تعتقد أنَّها ضرورية في الرواية.
6- إذا شعرتَ أنَّك قد تابعت الأحداث الرئيسة للفصل، عليكَ الاستمرار وقراءة الفصل التالي، وأن تستمتع بالكتاب كما قد تفعل بلغتك الأم.
كيف تُصبِح قارئًا مُستقِلًّا؟
هذه الخطوات مُصمَّمة لكي تفعل شيئًا هامًا للغاية؛ وهو تدريبك على التعامل مع القراءة باستقلالية ودون مساعدة، كلَّما تمكَّنت من تطوير هذه المهارة أكثر، أصبحتَ قادرًا على القراءة بصورةٍ أفضل، وكلَّما قرأت أكثر، تعلَّمتَ أكثر بالطبع.
عندما تقرأ، إذا لم تفهم كلمةً ما، ولا يمكنك تخمين معناها في السياق، فأول ما عليك فعله أو أن تحاول الاستمرار في القراءة ببساطة، ليس الأمر سهلًا، وستُغريك فكرة فتح القاموس عند كل كلمة، ولكن إذا تعلَّمتَ أن تصبح سعيدًا بعدم فهم كل شيء عند قراءتك للغةٍ أجنبية، ستُطوِّر مهارة قوية لأنَّك ستصبح دارسًا مستقلًا ومرنًا.
0 التعليقات:
إرسال تعليق