لكل عصر كتابه وأدبه، هذا الأمر لا يقلل أبداً من قيمة هؤلاء الذين تربينا وكبرنا وفتحنا عيوننا على أعمالهم التي لاتنسى.
لكننا مع التقدم في العمر، الخبرات، التعرف على العالم من وجهات نظر أخرى، نرغب دائماً في أديب يعرف جيداً كيف يخاطب أبناء جيله، كيف يحاكي مشاعرهم، يسليهم، يضحكهم أحياناً، ويبكيهم أحياناً أخرى، كيف يحذرهم من القادم، ويذكرهم بما مضى. لذا فوجب علينا اليوم متابعة الأدب العصري الشاب، المبشر بالخير، والمتوقع له الاستمرار والبقاء في معظمه، المتنوع بشكل مثير للإعجاب، والأهم، القريب جداً من أفكار هذا الجيل وأحلامه ورؤيته.
عز الدين شكري فشير
أديب مصري من مواليد دولة الكويت 22 أكتوبر 1966، وهو أستاذ زائر في قسم العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية،صدرت له ست روايات: “باب الخروج :رسالة علي المفعمة ببهجة غير متوقعة” ، “عناق عند جسر بروكلين” ، “أبوعمر المصري” ، ”غرفة العناية المركزة” ، “أسفار الفراعين” ، و”مقتل فخرالدين”.
“الحقيقة أني كلما فكرت فى حياتي السابقة أفاجأ بأني لا أندم على شىء فعلته بقدر ما أندم دوماً على أشياء لم أفعلها.”
يتميز فشير بالنهايات المفتوحة دائماً، فهو في الغالب يستخدم حقه ككاتب في طرح الأسئلة دون أن يحاول إيجاد حلول لها، وفي روايته الأخيرة باب الخروج، يمكننا أن نعتبرها التوثيق الأقرب للثورة المصرية، بظروفها غير المفهومة، المفعمة بالحيرة المستمرة إلى يومنا هذا.
هذه الرواية تمثل كل هؤلاء الذين تحمسوا ثم فتروا، ومثلهم، تبقى هكذا دون نهاية واضحة، مع قراءة شديدة الصدق في داخل النفوس البشرية، وهو ذات الشيء الذي حدث في روايته الأكثر شهرة عناق عند جسر بروكلين والتي ترشحت للقائمة القصيرة لجائزة البوكر عام 2012، إن أحببت التعرف على عالم عز الدين شكري فشير، أرشح لك البدء بـ”عناق عند جسر بروكلين”، ثم “مقتل فخر الدين” يليها جزؤها المكمل “أبو عمر المصري”، انتهاءً بـ”باب الخروج”.
سعود السنعوسي
كاتب وروائي كويتي من مواليد 1981، فاز عام 2013 بالجائزة العالمية للرواية العربية في دورتها السادسة عن روايته “ساق البامبو”، أصدر روايته الأولى “سجين المرايا” عام 2010 لتفوز بجائزة ليلى العثمان لإبداع الشباب في القصة والرواية، تعرضت روايته الثالثة والأخيرة “فئران أمي حصّة” لقرارات بمنعها من الكويت، بسبب موضوعها الشائك الذي يتناول الفتنة الطائفية بنظرة مستقبلية كابوسية. لكن هذا لم يمنع انتشارها الكبير والضخم في العالم العربي.
“ليس المؤلم أن يكون للإنسان ثمن بخس، بل الألم، كل الألم، أن يكون للإنسان ثمن.”
يملك سعود السنعوسي هذه النظرة التي حكينا عنها من قبل، فهو كشاب عربي يعيش أزماتنا الحالية، ومهموم بها مثله كمثلنا جميعاً، يطوّع حسّه الأدبي وموهبته العالية في تحريك الخيوط بعدة سيناريوهات تخيلية ربما تكون قادمة، في روايته الأولى “سجين المرايا”، يحكي الكاتب قصة حب رقيقة ومأساوية بطريقة أنيقة للغاية، شغفه بالتفاصيل يجعل منها مجرد بروفة أولية لما سوف يليها، وهذا بالفعل ما حدث في “ساق البامبو” التي وضع فيها السنعوسي روحه وقلبه، ليتناول قضية العمالة الأجنبية في الخليج العربي بشكل لم يحدث من قبل.
أزمة الهوية بين بلدين، أو حتى أزمة الهوية لأبناء البلد الواحد، العلاقات المتشابكة والطبقية العجيبة، لكن أجمل ما في الأمر أنه لا يعترف بالخير المطلق، أو الشر المطلق، شخصياته إنسانية جداً، وهو يعلم جيداً تأثير الضعف الإنساني على تصرفات الجميع، فلا تملك أن تكره جانب وتنحاز لآخر مثلما يحدث عادة في أي عمل فني أو أدبي.
عالم السنعوسي يتشابك جداً، فمن الأفضل القراءة بترتيب الأقدمية، “سجين المرايا”، ثم “ساق البامبو” وانتهاء بـ”فئران أمي حصّة”، سوف تلاحظ مثلي أن أبطاله يبدون كما لو كانوا يعرفون بعضهم البعض، وكأن هناك لحظات معينة يمكن أن تكون قد تشابكت وتلاقت في زمن ما..
بطل “سجين المرايا” قد يكون بشكل أو بآخر ابن شخصية من شخصيات “فئران أمي حصّة”، بطل “ساق البامبو” بالتأكيد التقى بالشباب من “فئران أمي حصة” خلال إقامته بالكويت، هذه الخيوط المتشابكة تذكرني بعالم غني آخر لفنان عظيم وهو المخرج محمد خان، والذي أعتقد بأنه يطابق سعود( أو أن سعود يطابقه) في عالم السينما من حيث التفاصيل الحميمية الإنسانية، والشعور الدائم بالخوف من الفقد الذي يسيطر على شخصياتهما.
أحمد السعداوي
روائي وشاعر وكاتب سيناريو عراقي من مواليد بغداد عام 1973، صدر له العديد من المجموعات الشعرية مثل “عيد الأغنيات السيئة”، إلى جانب الروايات مثل: “البلد الجميل” التي فازت بالجائزة الأولى للرواية العربية بدبي 2005، “إنه يحلم، أو يلعب، أو يموت”، و”فرانكشتاين في بغداد” الفائزة بجائزة البوكر لعام 2013.
“ليس هناك أبرياء أنقياء بشكل كامل، ولا مجرمين كاملين.”
الشعر يترك أثراً دائماً في أدب السعداوي، إلى جانب همه العراقي مثل باقي أبناء موطنه، لا أحد سيخطر له مثل هذه الفكرة الرومانتيكية المرعبة، الدرامية الخيالية في فرانكشتاين في بغداد، سوى شاعر تتلبسه روح الأديب، يتخيل أحمد وحشاً تم صنعه من أشلاء القتلى في العراق، لتدب فيه الحياة تماماً مثل مسخ فرانكشتاين للأديبة ماري شيلي، ويبدأ في الانتقام من الجميع، من الجانب الشرير في البداية، إلى أن ينقلب السحر على الساحر ويتحول إلى كائن مدمر لكل ما يقابله بلا استثناء، بعد ترميمه بأشلاء مجهولة يتداخل فيها أجزاء من الفدائي، مع الوطني، مع المحتل والخائن.
الرواية رمزية بالطبع وهي حصيلة وضع غير معقول تعودنا عليه حالياً، وتعايشنا معه بشكل أو بآخر، قد يكون السعداوي قاصداً تحطيم صورة البطل كما نشكلها نحن بأيدينا في العالم العربي، نمجدها ونضخمها ونقدم لها القرابين حتى تتضح الصورة، فنكتشف أننا كنا في حقيقة الأمر ننصب بأيدينا طاغية جديداً أسوأ من أسوأ كوابيسنا.
لم أقرأ سوى فرانكشتاين في بغداد لكن البدء دوماً بالكتب الأقدم للكاتب ثم الوصول لذروة إبداعه هو الأفضل.
أحمد خيري العمري
باحث وأديب وكاتب عراقي من مواليد بغداد عام 1970 لأسرة موصلية الجذور، تخرَّج من كلية طب الأسنان – جامعة بغداد عام 1993، ليصدر كتابه الأول “البوصلة القرآنية” في عام 2003.
أصدر في الفترة بين 2003-2008 ستة كتب لاقت رواجاً كبيراً، وتنوعت بين البحث العلمي والرواية والرسالة الأدبية، بالإضافة إلى عشرات المقالات التي ينشرها في صحيفتي العرب القطرية والقدس العربي في لندن.
“كان من المؤلم جداً أنّ الناس لا يصلون… ولكنه كان من المؤلم أكثر، أنهم إذا صلّوا، ربما لا يتغيّرون”
يدعو أحمد خيري العمري للتجديد بكل شكل، الأمر الذي يعرضه للهجوم الكبير فهو يصنف ككاتب ومؤرخ إسلامي بشكل أو بآخر، مما كتب عنه سابقاً: “يعتمد العمري في استنباطاته للمفاهيم من القرآن على الجذر اللغوي للفعل، فهو يعود إلى جذر كل لفظ قرآني ويقوم بعملية مسح للاستخدام القرآني للفظ في كل المواضع، ويخرج بنتائج مترابطة ضمن منظومة فكرية-قرآنية”
هذا الشرح يعطينا صورة واضحة لما يفعله العمري في قرّائه ، الرجل يعرضهم لصدمة ضخمة حيال العديد من الأمور المُسلّم بها دينياً، ويدعوهم للتفكير من جديد في كل تفصيلة قد تبدو لا خلاف عليها، مثل روايته ألواح دوسر، والتي يستلهم فيها من قصة سيدنا نوح حدثاً أساسياً يراه متكرراً في كل زمان بشكل أو بآخر.
هذا النوع من الكتابة الذي يختلف عن المباشرة الفجة لمدعي التنمية البشرية هو الأكثر حميمية وقرباً من القارئ، فهو يمنحه بالفعل جزءاً تنموياً بشرياً – إن جاز لنا التعبير – على شكل رموز يمكن فهمها بمجهوده الخاص، والتوصل وحده إلى ما يريد حقاً معرفته.
عمر طاهر
كاتب وشاعر وسيناريست وصحفي مصري من مواليد سوهاج 23 يوليو 1975، إصدرات عمر طاهر كثيرة ومتنوعة، بدأ مشواره مع الشعر في عدة دواوين مثل “مشوار لحد الحيطة”، و”وضع محرج”، و”لابد من خيانة”، بعدها لمع اسمه في الأدب الساخر بدءاً من “شكلها باظت” الذي حقق نجاحاً ضخماً أستطيع أن أقول عنه بأنه كان نواة لاتجاه جديد من التعبير الساخر عن الأوضاع الواقعية في مصر.
قد ترى تأثير أسلوب عمر طاهر في كتابة الشباب على الشبكات الاجتماعية، وفي رصدهم لأحداث وشخصيات من حولهم، لا أنسى كلمة د.أحمد خالد توفيق عنه لي عندما قال: “عمر طاهر لديه الكثير ليقوله”.
“عندى صحيح حاجات كتير
لكن ناقصني حاجات أكتر
ناقصني إني أقدر أطير
و أنا عارف أني فى يوم هقدر”
لكن ناقصني حاجات أكتر
ناقصني إني أقدر أطير
و أنا عارف أني فى يوم هقدر”
يحكي عمر طاهر عنا، هو مراسلنا من قلب الحدث، مولانا كما يحب مريدوه أن ينادوه، إن كنت فاشلاً في التعبير عن نفسك فكل ما عليك هو قراءة شعر ومقالات وحكايات هذا الرجل، حتى في الكتابة الدينية في “أثر النبي” يقص عمر قصص الصحابة بمفهوم جديد حميمي بشكل لا يصدق، يجعلك تراهم بعينك كأشخاص حقيقيون وليسوا كائنات خرافية بعيدة كما تعودنا عليهم.
يكتب عن الرياضة فتنحاز تلقائياً لناديه المفضل دون تعصب، يكتب عن الماضي فتتذكر تفاصيل كنت تحسب أنك وحدك الذي تتذكرها، هذا رجل غاص في كل بيت مصري، مائدة طعام مصرية، الأمسيات، السهرات، الأصدقاء، الأعداء، حتى إشارات المرور والتيه في الشوارع، غزير الأفكار كأنه روبوت صمم للكتابة والحكي، وهو في الحقيقة من هؤلاء الذين يطلق عليهم “خفاف الروح” كناية عن اللطف والقبول.
تامر إبراهيم
واحد من القلائل الذين يمكن تصنيفهم كأديب رعب دون قلق، طبيب بشري كالعادة، بدأ بكتابة الرعب في سلسلة “سلة الروايات” ضمن إصدارات المؤسسة العربية الحديثة التي قدمت قبله عراب الجيل د.أحمد خالد توفيق في نفس هذه المنطقة الشائكة من الأدب، لكن حماس أحمد خالد توفيق لتامر كان دافعاً للكثيرين في متابعته بدايةً، قبل أن يثبت نفسه بشكل مذهل في إصداراته المتتالية، التي بلغت ذروتها في ثنائية “صانع الظلام”، و”الليلة الثالثة والعشرون”، والتي -برأيي- تجعله نيافس كتاب الرعب العالميين وعلى رأسهم ستيفن كنج نفسه.
هناك أشياء تحدث بلا تفسير، فلا تضيع عمرك محاولاً البحث عن شيء لا وجود له.”
يملك تامر إبراهيم خيالاً خصباً، وأفكاراً غير محدودة، ربما كان أفضل مافيها هو عدم تقيده بتلك التيمات المعروفة في أدب الرعب بالذات، مشكلة هذا النوع من الأدب في عالمنا العربي أنه مقتصر على حكايات الجن والعفاريت والشياطين فقط، في حين تمتد التيمات الغربية بشكل موسع، مثير نعم، لكن حدث شاباً عربياُ عن مذؤوب يعوي في هضبة المقطم أو زومبي يسير في شوارع الكويت أو الرياض وسوف يجن من السعادة، ربما ذهب لأخذ صورة سيلفي معه، هذه الأشياء -بالعربي- لا تخيفنا.
لذا واجه إبراهيم ذات التحدي الذي واجهه د.أحمد خالد، والذي هرب منه بذكاء في حبكاته بسفر أبطاله إلى الخارج أو مغامرات أخرى لقاصين أجانب، أما تامر، فأفكاره نبعت من خيالات جديدة يمكن أن تناسب المذاق العربي تماماً. قرأت ثنائيته في ليلة مظلمة وحدي ولم أنم بعدها يومين، إلى اليوم أتجنب النظر حتى إلى غلافها وأنا لا أصاب بالرعب بسهولة!
أرشح البدء بكتابات تامر إبراهيم الأولى مثل” حكايات الأميرة” و”حكايات بيتر بيشوب”، ثم الانتقال إلى “الذي لم يمت”، و”حكايات الموتى” انتهاءً بثنائيته المظلمة.
حسن كمال
كاتب مصري اشتهر بالقصص القصيرة قبل تحوله إلى الرواية عام 2013 برواية “المرحوم”، تخرج من كلية الطب جامعة القاهرة 1999، قصصه القصيرة تأخذ هذا الطابع الإدريسي -كناية عن يوسف إدريس- في واقعيتها الفانتازية بشكل أو بآخر، وهو نفس الشيء الذي فعله في رواياته بعد ذلك، المرحوم والأسياد تباعاً.
“للكذب ثلاث أرجل.. الأولى هى أن تجيد الكذب، والثانية أن يتوافر لك عدد من الحمقى الذين يكررون الكذبة بلا وعي، والثالثة هى أن يكون من يعرفون الحقيقة جبناء بما يكفي ليسكتوا عما يعرفون أنه كذب”
كما في قصصه القصيرة، يسرد حسن أحداثاً واقعية تماماً، بحبكة غير واقعية أبداً، ربما يمكن تفسيرها فيما بعد بالهلاوس أو المرض دون الوقوع في فخ الاقتناع بالخوارق، لكنك على طول قراءتك ستتمنى لو كان الأمر متعلقاً بالخوارق فعلاً، وألا يكون الواقع بائساً إلى هذا الحد.
هذه التيمة التي اعتمدها يوسف إدريس بنجاح في قصصه القصيرة، قد تبدو ضيقة بعض الشيء في عالم الرواية، لكن حسن يحاول تطويرها بشكل أو بآخر، مثلما يفعل ماركيز بطريقة مختلفة، أو هوراكي موراكامي بطريقة ثالثة.
في روايته الأخيرة “الأسياد”، يحاول حسن من جديد إضفاء الفانتازيا على الواقع، مدينة دجا في جنوب مصر الذي لا يعرف عنها الكثيرون أي شيء، تتحول معه إلى عالم أسطوري، له قواعده وتاريخه وتراثه، حتى أنك تصدق فعلاً بأن هذه الحقيقة وليس خيال الكاتب!
الحقيقة أنه يلجأ للرمزية أيضاً، فدجا في نظره هي مجرد مسرح مصغر للعالم بأكمله، يطرح حسن كمال أفكاره الاجتماعية والسياسية وعقده النفسية -إن سمح لنا بالقول- عبر خيالاته الغريبة وعالمه المختلف.
أدهم العبودي
أديب مصري شاب من مدينة الأقصر، حاصل على عدة جوائز عربية. صدر له “جلباب النبي” قصص، “باب العبد” رواية، “متاهة الأولياء” رواية.
لا أعرف الكثير من المعلومات حول أدهم العبودي، لكني أعرف روايته الجميلة “متاهة الأولياء”، كما أعرف أن بهاء طاهر بنفسه وصفه بالموهبة الاستثنائية.
“لم يكن الألم يوماً ذا علاقة بالجسد، أصعب الأوجاع وأقساها تلك التي تكمن في قرار الفؤاد”
ما يميز أدهم العبودي هو اللغة المتمكنة الرشيقة، لن تمل أبداً وأنت تقفز بعينيك على الكلمات والوصف! يستحضر العبودي الجنوب المصري كما لم يفعل أحداً من قبل، إلى جانب هذه اللمسة الصوفية التي ترتبط بأهله، الأولياء هنا ليسوا الأولياء الصالحين كما نعرفهم، بل هم الأشخاص العاديون الهائمون في متاهاتهم اليومية.
يقول عنه الكاتب أشرف الخمايسي:
“كنت قد تركت الحركة الأدبية لأسباب ذكرتها في مقالات عديدة، فلما عدت كانت الأقصر العظيمة حبلى به، وكنت أنا الذي لا أرى، إنه أدهم العبودي الذي أرجو أن يتمّ نوره.”
بثينة العيسى
كاتبة كويتية من مواليد 3 سبتمبر 1982، حاصلة على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال، وهي عضو رابطة الأدباء الكويتية. صدر لها العديد من الروايات مثل “سعار”، “ارتطام”، “كبرت ونسيت أن أنسى” التي حصلت عنها على جائزة الدولة التشجيعية، “خرائط التيه”.
“أريد ذلك المكان الذي بوسع المرء فيه أن يكون نفسه، أن يشبه ظاهره باطنه، وأن ينسجم مع حقيقته”
تملك بثينة قلماً رشيقاً، تعبر به عن المرأة الكويتية والعربية بشكل دافئ يستحضر تلك التفاصيل البسيطة، الصغيرة، التي ربما لا تنتبه إليها حتى النساء. بلغة شعرية خجول، لكنها في ذات الوقت، جريئة جداً، تستعرض الظلم الواقع على المرأة الكويتية بلا قلق، ثالوث الدين والجنس والمجتمع الذي تتجنبه العديد من الكاتبات خوفاً، كسرته بثينة في روايتها “كبرت ونسيت أن أنسى”، فكان طبيعياً أن تستجلب الكثيرمن الهجوم على رأسها.
أما في “خرائط التيه”، فتناولت عدة قضايا يمكن أن تشمل العالم كله، مثل الاتجار بالبشر والفساد وتأثير العولمة والتكنولوجيا والتواصل الاجتماعي، بشكل قاس وصادم، تعمدت حدوثه بكثرة التفاصيل، والتخلي عن لغتها الشعرية الرقيقة.
بثينة واحدة من أهم الكاتبات النساء الشابات في العالم العربي حالياً، وحتماً يجب متابعتها.
ربيع جابر
روائي لبناني من مواليد بيروت 1 يناير 1972، روايته الأولى “سيد العتمة” التي نشرها سنة 1992 وهو في العشرين من عمره فازت بجائزة الناقد للرواية. نشر سبع عشرة رواية ما بين 1992 و2009 أي بمعدل رواية واحدة كل عام. يملك شهادة في الفيزياء من الجامعة الأمريكية في بيروت. كما أنه محرر الملحق الفكري والأدبي الأسبوعي “آفاق” في جريدة “الحياة” الصادرة في لندن.
“هناك شخص في داخلي يريد أن يحكي و يحكي و يحكي .. هناك شخص آخر يريدني أن أسكت .. أن أسكت أبدياً وألّا أفتح فمي مرة أخرى”
ربما يمكننا الخروج من كتابات ربيع جابر بمليون اقتباس، كل جملة هي الحقيقة تعبيراً جمالياً رائعاً، أفضل أن تبدأ قراءة ربيع جابر بكتابه “الاعترافات” يليه “طيور الهوليداي إن” ثم “دروز بلغراد” التي نال عنها جازة البوكر لعام 2012، ثم روايته “أمريكا”.
يشبهه الكثيرون بنجيب محفوظ لبنان، فهو مثله غارق حتى النخاع في تراب وطنه، ومثله، يستطيع وصفه كما لم يفعل أحد من قبل، مع ربيع جابر يتحول الحكي عن الحرب الأهلية اللبنانية إلى قصيدة شعرية دامعة، وما بين هذه التفاصيل الإنسانية، يوثق جابر روايته بأحداث حقيقية، وقصاصات جرائد، وحواشي كثيرة جداً، بشكل ربما يذكرنا قليلاً بطريقة صنع الله إبراهيم في رواياته.
أما أكثر مايميز ربيع جابر، فهو الشخصيات وحبكاتها، وخيوطها المتداخلة بلا ملل أو تشتت، ربما تكون الأحداث الفعلية قليلة، لكن سطوة اللغة تجذب القارئ كالدوامة، فلا يفيق إلا بعد الانتهاء منها.
المصدر
0 التعليقات:
إرسال تعليق