وصلت بنا سفينة أفضل الأفلام في هذا العام تقريباً إلى المنتصف، فبعدما تناولنا مواضيع القصص المصورة، الكوميديا، التشويق، المغامرات، حان الوقت الآن لنتجه قليلاً إلى مكان أكثر ظلاماً، مكان يستفيد من العنف، من الدماء ومن الأسرار، لكي ينقل المشاهد إلى عالم آخر من الحيرة والتساؤل بأسلوب لا يخلُ ابداً من الغموض.
كانت سنة 2015 بشكل عام جيّدة قدّمت لهذين التصنيفين حقهما في عالم السينما، وذلك عبر مجموعة لا بأس بها من هذه الأفلام الممتعة، وحتى زاد عددها هذا العام بشكل جيّد واستفادت في كثير من الأحيان من ممثليها وشخصياتها الرئيسية، مما أضاف الطابع الخاص لهذه الأعمال في هذا العام.
هي أفلام ممتعة لا شك في ذلك، الغموض لعبة صعبة وماكرة في عالم الأفلام، والجريمة موضوع آخر معقّد جداً نقله إلى عالم الشاشة الكبيرة، وسنتحدّث الآن عن 10 أعمال سينمائية هي افضل افلام الجريمة والغموض 2015 .. سنة كانت غامضة بكل تفاصيلها، ولكن لم تخبأ لنا سوى الجريمة في طيّاتها:
Black Mass
نبدأ لائحتنا بواحد من أهم وأشهر أفلام الجريمة لهذا العام، ليس لأنه أفضلها ولكن لأنه أعاد واحد من أكبر النجوم في الساحة العالميّة إلى مجال الإبداع الذي عهدناه دوماً له، وهو جوني ديب الذي عانى قبل هذا الفيلم من فترة سينمائية بطيئة قليلاً، لكنه عاد وبكل قوّة عبر هذا الفيلم المميّز.
استفاد الفيلم بشكل مباشر من شخصيته الرئيسية، وهي التي تمحور حولها الفيلم، بالإضافة إلى جوني الذي قدّم ذلك السحر الخاص بالشخصية الشريرة، وتلك الرعشة التي ستصيبك من النظر فقط لها، “وايتي بلغر” واحد من أكبر المجرمين في تاريخ بوسطن وأحد الرؤوس التي تعاملت مع الـ FBI في فترة سبعينات وثمانينات القرن الماضي.
هو فيلم سيرة ذاتيّة، وجريمة بامتياز، لكان بكل صراحة عمل فاشل دون شخصيته الرئيسية، والتي شهدت أداءً رائعاً من جوني “لا يكفِ في سباق الأوسكار”، وتمكّن الفيلم من تحقيق إيرادات قدرها (93.3 مليون دولار) مقابل ميزانية هي (53 مليون دولار)، وحظي بعرضه الأولي في مهرجان البندقية السينمائي لهذا العام.
Legend
من أداء مُقنع أوّل إلى آخر، ولكن هنا بطريقة مزدوجة، حيث حمل توم هاردي على عاتقه لعب دور شخصيتين إجراميّتين أيضاً في التاريخ ولكن هذه المرّة على الطرف الآخر من المحيط الأطلسي، وفي لندن أثناء ستينات القرن الماضي، ريجي وروني كري ومسيرتهما الإجراميّة الشهيرة جداً في التاريخ البريطاني.
يبرز عنصر التمثيل مرّة أخرى في هذا الفيلم، في حين يفشل العمل في عمليّة الإقناع كفيلم سيرة ذاتية، وخاصةً كفيلم جريمة، لكن ما قدّمه هاردي كان رائعاً تماماً في هذا العمل، وهو نقطته الساطعة اللامعة، والفيلم مقتبس عن كتاب يُدعى The Profession of Violence للكاتب جون بيرسون.
بدأ عرض هذا الفيلم من مهرجان تورنتو السينمائي 2015، وبعد ذلك شقّ طريقه تدريجاً في عالم أسواق الأفلام حول العالم، وانتهى به الأمر محققاً إيرادات قدرها (37.6 مليون دولار) مقابل ميزانيته التي قُدّرت بـ (25 مليون دولار)، ويأتي العمل من إخراج براين هيلجيلاند الذي عمل على خامس أفلامه السينمائية.
Mr. Holmes
أجدد الأعمال التي تناولت الشخصية الشهيرة شيرلوك هولمز ولكن هذه المرة بطريقة مختلفة تماماً، فشيرلوك هنا سيعمل على قضيته الأخيرة، وسيحاول تذكّر تفاصيلها بعدما أصبحت ذاكرته أضعف من أن تتمكّن من مساعدته، لذلك يبقى الماضي غامضاً على المشاهدين وهو ما سنبحث عنه في الفيلم.
كما في الأفلام السابقة، كان الممثل إيان مكيلين رائع فوق العادة في لعبه لدوره هذا “يكفي في سباق الأوسكار”، حيث أبدع في جميع الفترات الزمنيّة التي ظهر فيها هذا المحقق الشهير، ولكن ما ميّز هذا الفيلم عن الأعمال الأخرى في هذه اللائحة هي الدراما الهائلة التي تمّ عرضها في الفيلم، مما جعلت منه لوحة سينمائية لن تريد أبداً أبداً تفويتها.
كان هذا الفيلم إضافة رائعة على مسيرة أفلام شيرلوك هولمز الشخصية، وأخرى مميّزة على أفلام الغموض لهذا العمل بسبب الدراما المتينة، المؤثرة التي قدّمها، مما جعل الفيلم لوحة ممتعة مناسبة للجميع، وبدأ مسيرته السينمائية من مهرجان برلين السينمائي قبل أن ينتقل إلى شباك التذاكر العالميّ محققا إيرادات قدرها (26.9 مليون دولار).
Focus
شهد هذا الفيلم عودة أخرى لنجم عانى أيضاً من فترة سينمائية بطيئة، وهو ويل سميث، ليست تلك العودة القويّة، ولكنها فعّالة جداً في سياق أفلام الجريمة، وإضافة مميّزة مليئة بالكوميديا، والمتعة المتنوّعة، مستفيداً من طاقم العمل في المقام الأول، بعض الإضافات الرومانسيّة والأحداث المتتالية والمتناوبة.
يتحدث الفيلم عن خبير احتيال وعمليته الأخيرة، التي من المفترض أن يتقاعد بعدها، ولكن بعض الصعوبات أو خفايا الماضي قد تقف في طريقه، وبشكل عام يمكن اعتباره فيلم سرقة نظراً لطبيعة أحداثه المتنوّعة، والتركيز الكبير على هذه الجوانب في عالم الجريمة، مع بعض المبالغات والأخطاء، لكنه في النهاية عمل ممتع لا بأس به.
بدأ عرض هذا الفيلم في بداية العام، وتمكّن من تحقيق إيرادات قدرها (159 مليون دولار) مقابل ميزانية تم الإعلان عن تجاوزها حاجز الـ (50 مليون دولار) بقليل، ويبقى العمل من إخراج الثنائي جلين فيكارا وجون ريكوا، ويمكنك معرفة المزيد عن هذا الفيلم بعد قرائتك لتقييمي عنه هنا!
The Gift
تمكّن هذا العمل من البروز بين الكثير من الأفلام المشابهة، فهو يتحدّث بشكل أوّلي سطحيّ عن شخص من الماضي يعود ويحاول الدخول إلى حياة زوجين، ولكن للخروج عن طريقة العرض المعهودة، تمكّن الفيلم من إضافة لمحات مرعبة مفاجئة وفعّالة جداً، بالإضافة إلى دراما قويّة، ورسالة أو فكرة تمكنت من احتواء الفيلم.
فيلم حذق، ذكي، مليئ بالغموض والتشويق، ومن افضل افلام الجريمة والغموض 2015 دون شك، ومفاجئة سارّة بعدما توقعنا أن يكون مليئ بالتكرار الممل القبيح جداً، والمكروه حالياً في عالم الأفلام، لكنه قدّم الكثير من المتعة للمشاهدين، وأكثر من ذلك احتوى على مادّة غنيّة للعقل واخذنا في رحلة ممتعة بين مجموعة من التصنيفات السينمائية الفعّالة.
حقق الفيلم إيرادات عالميّة كبيرة جداً وصلت إلى (59 مليون دولار) مقابل ميزانيته المنخفضة، والتي بلغت (5 مليون دولار)، مما يجعله فيلماً ناجحاً بشكل واضح، ويُعدّ الفيلم بشكل عام إنطلاقة إخراجيّة ناجحة جداً للمثل جويل إيدغرتون الذي شارك في بطولة الفيلم هذا، أخرجه وكتبه، أيضاً شارك في بطولة أول أفلامنا في هذه اللائحة Black Mass.
Black Coal, Thin Ice
فيلم جمع بين الغموض، التشويق، الدراما، والجمال بشكل مُتقن جداً، رحلة ممتعة بين روعة التصوير، والقصة المتشعّبة المتنوّعة، وهو في الحقيقة فيلم صيني تحت عنوان “白日焰火” أي “Daylight Fireworks” وهو عنوان ستفهمون تحديداً معناه بعد مشاهدتكم لهذا الفيلم.
يُعتبر هذا العمل من أفلام 2014 السينمائية، وعُرض أيضاً في مهرجان برلين السينمائي 2014، لكن كما هي العادة احتاج إلى الكثير من الوقت للوصول إلينا، وتمكّن من تحقيق إيرادات قدرها (16 مليون دولار) قابلها كميّة ممتازة من النقد الإيجابي، وهو من الأعمال الصينيّة السينمائية القليلة التي تبرز عالميّاً بهذا الشكل الإيجابي.
تجري أحداث الفيلم في فترتين زمنيتين، حول شرطيّ وزميله أثناء تحقيقها في جريمة قتل، لن يتمكنا من حلها في الماضي، لتعود في المستقبل مرّة أخرى وتفتح أبوابها أمامهما، مع إضافات نفسيّة مشوّقة، وغريبة جداً خاصة بالسينما الآسيوية، وعمل ممتاز من طاقم الممثلين بالإضافة إلى المخرج يي نان دياو.
The Clan
فيلم سيرة ذاتيّة آخر في هذه اللائحة المميّزة، عمل أرجنتيني الجنسيّة، ممتاز كعادة سينما هذه البلد، اُختير ليكون مداخلة الأرجنتين في سباق الأوسكار العام القادم، وحظي بعرض في كل من مهرجاني البندقية وتورنتو لعام 2015، نال من خلالهما على شهرة عالميّة جيّدة ونقد إيجابيّ زاد من سمعة هذا الفيلم.
يتحدّث هذا العمل عن قصة حقيقية حول عائلة كانت تقوم بخطف وقتل الناس في ثمانينات القرن الماضي في بوينس آيرس، واستفاد بشكل رئيسي من القصة الحقيقية التي ستضيف كثيراً على مشاعر المشاهد اثناء مدّة عرض الفيلم، فيجب علينا تذكّر أن سلسلة الجرائم التي سنشاهدها في الفيلم هي عبارة عن أحداث جرت على أرض الواقع.
لم يشمل عرض هذا الفيلم جميع أنحاء العالم لحدّ الآن، ولكنه استطاع مبدأياً تحقيق إيرادات قدرها (13.7 مليون دولار)، وبالنظر للمنافسة الشديدة بين الأفلام الأجنبيّة “الغير إنجليزية” على أوسكار العام المقبل، لا أتوقّع أنه سيستطيع الحصول على ترشيح، أو حتى لا أتوقع أنه يستحق الترشح، ولكنه عمل سينمائي جيّد، ممتع، أفضل من غيره بين مجموعة أفلام الجريمة.
The Forbidden Room
هذه اللوحة السينمائية الفريدة من نوعها قطعاً، لم تُصمم أبداً إلى الجميع، من أغرب الأفلام وأكثرها تميّزاً لعام 2015، مما يجعله أيضاً من افضل افلام الجريمة والغموض 2015 .. هو غامض بعرضه، بقصته، بكل تفاصيله، سيُدخلك في الكثير من المشاهد الغريبة، ويُخرجك مع الكثير من الأفكار الأغرب.
بدأ عرض هذا الفيلم الكندي في المهرجانات السينمائية المختلفة، من Sundance في بداية العام، ومن بعدها مهرجان تورنتو، ليصل في النهاية إلى أهم الأسواق السينمائية في العالم، وتلقى الفيلم مديحاً كبيراً لفرديته وأسلوب تصويره المميّز، وجمعه العجيب للدراما، الكوميديا، الرومانس وبالطبع الغموض.
عن ماذا يتحدّث الفيلم تحديداً؟ سؤال من الصعب الإجابة عنه في الحقيقة، قصص متداخلة، مؤثرات فوق العادة، وتحديّ ماكر استثنائي للمشاهد في عالم السينما، والنتيجة على الأغلب، أو كما نأمل، هائلة مُدهشة، حيث يمتلك هذا الفيلم القدرة على تقديم تجربة سينمائية لن تنساها في حياتك أبداً.
The Connection
فيلم جريمة تقليديّ جداً، يحتوي على جميع العناصر التي تحتاجها هذه الأفلام، وذلك بعد أن ارتكز على أحداث حقيقية حول عمليّة تُدعى بـ The French Connection وكان فيها يتمّ تهريب المخدرات من تركيا إلى فرنسا، ومن فرنسا إلى الولايات المتحدّة الأمريكية، ذلك في نهاية ستينات وبداية سبعينات القرن الماضي.
استفاد أولاً الفيلم من القصة الحقيقية، ومن بعدها أضاف ما أراد إضافته، من شخصيات إلى أحداث مليئة بالدراما والأكشن، إلى مفاجئات وقيم أخلاقية متعددة، ليجعله من تلك الأعمال الفرنسيّة الممتعة جداً، والتي استفادت أيضاً من أداء أبطالها المتنوعين، وخاصةً الشخصيتين الرئيسيتين.
بدأ عرض هذا الفيلم الفرنيس – البلجيكي في مهرجان تورنتو السينمائي العام الفائت 2014، وبدأ عرضه الواسع من فرنسا ابتداءً من نهاية العام الفائت، وبالرغم من اتساع عرضه لاحقاً إلا أنه لم يتمتع بالشهرة الكافية ليحقق النجاح الماديّ الجيّد، حيث اكتفى بمبلغ قدره (11.8 مليون دولار) مقابل ميزانيته التي بلغت (26 مليون دولار)، ولكنه عمل ممتع، وإضافة دراميّة رائعة لأفلام الجريمة.
Don’t Be Bad
في سياق الأفلام الأجنبيّة التي قمنا بإضافتها في هذه اللائحة، نضيف عمل آخر، ولكن هذه المرّة إيطاليّ اللغة.. فيلم رائع ومميّز بين تصنيفه، يأتي تحت عنوان أصلي هو “Non essere cattivo” والذي اُختير بدوره كمداخلة إيطاليا على سباق الأوسكار 2016، في فئة أفضل الأفلام الأجنبية، ولا اعتقد بصراحة أن لديه حظوظ كبيرة في الحصول على ترشيح.
بدأ عرض هذا الفيلم من مهرجان البندقية السينمائي، وحاز فيه على بعض الجوائز، وعلى ما يبدو لم يحصل لحدّ الآن على عقد توزيع وعرض، ولكن الفيلم متواجد على شبكة الانترنت، وهو عمل ممتع، مفعم بالحيويّة والدراما، والهدية الأخيرة لصانع الأفلام كلاوديو كاليغاري الذي فارق الحياة في شهر مايو من هذا العام بسبب اصابته بمرض السرطان.
يتحدث الفيلم عن صديقين، وحياتهما الجامحة التي تتمحور كثيراً حول الاحتفال، المخدرات وغيرها من الأمور المشابهة، عمل كاليغاري بشكل ممتاز في إضافة التفاصيل والدقة على احداث الفيلم، مستعيناً بفترة تاريخية محددة لدعم قصته، ومستفيداً أيضاً من الوثائقيات التي قام بصنعها، وأيضاً فيلمه الشهير Toxic Love الذي عُرض عام 1983.
أفضل فيلم في اللائحة
كان هذا الفيلم تجربة دراميّة رائعة، واستفاد من الشخصية الشهيرة جداً بوضعها في أسلوب مختلف تماماً عن ما نشاهده عادةً، مع أداء رفيع المستوى من الممثل سنحصل على فيلم ممتع وعميق بالوقت ذاته، لذلك هو اختياري بين افضل افلام الجريمة والغموض 2015
تحتاج أفلام الجريمة في المقام الأول إلى الدراما العميقة لكي تصنع التأثير المرغوب فيه، فبمجرّد إضافة السرعة والتشويق لها انتقلت إلى تصنيف سينمائي آخر أقرب من أفلام الأكشن أو الحركة، لذلك على هذه الأفلام أن تكون بطيئة لكي تُقنع، وأظن 2015 كانت سنة جيّدة في مجال هذه الأفلام، متنوعة أيضاً وإضافة أخرى فريدة من نوعها في عالم أفلام 2015، بمساعدة كبيرة من الأفلام الأجنبية التي تشتهر دوماً في هذا التصنيف الغنيّ.
0 التعليقات:
إرسال تعليق