أمراء الاستعباد، الرأسمالية وصناعة العبيد - رمضان عيسى الليموني


حول الكتاب

قد تندهش حقاً عندما نتحدث عن العبودية الآن، ربما لأننا لا نسمعها كثيراً أو لأن أحد لا يثرثر بها كثيراً في وسائل الإعلام التي باتت تشكّل مصنعاً نشطاً لإنتاج صورنا الذهنية حول القضايا الحياتية والوجودية، والتي نعمل بدورنا على استهلاكها بنهمٍ وشراسةٍ وفقاً للكيفية التي يُراد بها ذلك، وبرغم أن العبودية مفهوماً رائجاً ومنتشراً في المحافل الأممية والمنظمات الحقوقية الدولية، فإنّه ليس من مصلحة أطراف كثيرة متورّطة في صناعة العبودية الحديثة وتمريرها عبر سلسلة التوريدات عابرة القارات أن تتورّط في افتضاح أمر هذه التجارة، خاصة أن الاتجار بالبشر(وهو المصطلح الحديث) لا يمثل مجرد جريمة بحق هؤلاء المستضعفين الذين يكسّر الفقر عظامهم ولا يمْكنهم العيش في ظروفٍ غير إنسانية وفي حالةٍ من تدني مستوى الدخل والأمية والبطالة والتعرض لمخاطر الصراعات والنزاعات المسلّحة وغيرها من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تجعل الأشخاص عرضة لسماسرة العبودية الذين يقتاتون على سرقة أعضاء البشر، وسلب حريّتهم، ونهش أداميتهم في نهاية المطاف، بل هي جريمة في حق شعوب ودول بأكملها وحضارات بأكملها.

إنّ القاسم المشترك في جميع سيناريوهات العبودية القديمة، والعبودية بصيغتها الحديثة (الاتجار بالبشر) هو استعمال القوّة أو الخداع أو الإكراه للاستغلال بغرض التربّح من جراء الاتجار بالبشر، ويمثل الإيذاء النفسي والبدني والاستغلال الجنسي والعمل الجبري والتهديد مؤشرات نموذجية في جريمة الاتجار بالبشر.

في مؤشر العبودية العالمي الصادر Walk Free عن منظمة اُستخدم مفهوماً عاماً ومعبّراً في ذات الوقت عمّا يجري، حيث تمثل العبودية ” العمل القسري أو العبودية أو الممارسات الشبيهة بالعبودية(وهي الفئة التي تشمل عبودية الديْن أو الزواج القسري أو الزواج الاستعبادي، وبيع الأطفال أواستغلالهم بما في ذلك استغلالهم في النزاعات المسلّحة”، وضحايا العبودية الحديثة لا يتمتعون بحريتهم كما يتم تسخيرهم واستغلالهم والتحكّم فيهم من قبل شخص آخر من أجل الربح أو الجنس أو حب السيطرة.

وفي مناطق كثيرةٍ من العالم يُعاني ملايين البشر الفقر الشديد، وانعدام سُبُل الحياة الإنسانية، فيقعون فريسةً سهلةً لمافيا الاتجار بهؤلاء الفقراء والمعدمين، التي لا تقوم بها مجرد مجموعةٍ من الأشخاص الذين يسْعون إلى كسب المال، بل هي عملية منظّمة ونشطة وتدين بالولاء إلى ذلك الطريق المتصل بعمق تاريخ استعباد سكّان قارة أفريقيا منذ القرن الرابع عشر الميلادي، فلم تختلف عمليات الاتجار بالبشر الحديثة عن جنياتها القديمة، سوى في استخدام بعض التطورات الحديثة من وسائل نقل وتسليم السلع( الأشخاص) ثم الحصول على ثمنهم، يقوم بها منظمات إجرامية وتساهم في تسهيلها الشركات متعددة الجنسيات وحكوماتها.

شاركها في جوجل+

عن غير معرف

0 التعليقات:

إرسال تعليق